للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شَيئَينِ، اختاره بعضُ المتأخِّرينَ.

(وَإِنِ اخْتَارَ الدِّيَةَ)؛ تعيَّنَتْ، و (سَقَطَ الْقِصَاصُ)؛ لأِنَّ مَنْ وجب (١) له أحدُ شيئَينِ؛ يتعيَّنُ حقُّه باخْتِيارِ أحدهما، قال أحمدُ: إذا أَخَذَ الدِّيةَ فقد عفا عن الدَّم (٢)، (وَلَمْ (٣) يَمْلِكْ طَلَبَهُ)؛ لأِنَّ القِصاصَ إذا سَقَطَ لا يَعُودُ، فلو قتَلَه بعدَ أخْذِ الدِّية؛ قُتِلَ به.

(وَعَنْهُ: أَنَّ الْوَاجِبَ الْقِصَاصُ عَيْنًا)؛ لقوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾ [البَقَرَة: ١٧٨]، والمكتوبُ لا يَتخيَّرُ فيه، ولقوله : «مَنْ قَتَلَ عَمْدًا فهو قَوَدٌ» (٤)، ولأِنَّه بَدَلُ مُتلَفٍ، فكان مُعَيَّنًا؛ كسائرِ المتلَفات.

وجَوابُه: بأنَّ قولَه: «فهو قَوَدٌ» المرادُ به: وجوب (٥) القَوَد، وهو محلُّ وفاقٍ، والفَرْقُ بَينَه وبَينَ المتْلَفاتِ مُتحقِّقٌ؛ لأِنَّ بَدَلَها لا يَختلِفُ بالقصد وعدمه (٦)، بخلاف القتل.

(وَلَهُ الْعَفْوُ إِلَى الدِّيَةِ وَإِنْ سَخَطَ الْجَانِي)؛ لأِنَّ الدِّيةَ أقلُّ منه، فكان له أنْ


(١) قوله: (وجب) سقط من (م).
(٢) ينظر: الفروع ٩/ ٤١١.
(٣) في (م): لم.
(٤) أخرجه أبو داود (٤٥٣٩)، وابن ماجه (٢٦٣٥)، والنسائي (٤٧٩٠)، والبيهقي في الكبرى (١٥٨٨٤)، من طريق عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس ، وتمام لفظه: «من قتل في عمية أو عصبية بحجر أو سوط أو عصا فعليه عقل الخطأ، ومن قتل عمدًا فهو قود، ومن حال بينه وبينه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل»، وهذا الحديث اختلف في وصله وإرساله، ورجح الدارقطني إرساله، وقال ابن عبد الهادي: (وإسناده جيد، لكن قد روي مرسلاً)، قوَّاه ابن الملقن وابن حجر، وقال ابن الملقن: (وإسناد رواية ابن ماجه على شرط الشيخين). ينظر: علل الدارقطني ١١/ ٣٥، تنقيح التحقيق ٤/ ٤٨١، البدر المنير ٨/ ٤٠٩، بلوغ المرام (١١٧١).
(٥) قوله: (وجوب) سقط من (م).
(٦) في (م): بالعقد وعدم.