للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويُستَثْنَى مِنْ ذلك: ما إذا استوفاه (١) قَهْرًا مع الخَوف منها؛ كحَرٍّ (٢) أوْ بَرْدٍ، أوْ كُلُولِ آلةٍ، أوْ مَسمومةٍ، فإنَّه يَضمَنُ بقيَّةَ الدِّيَة.

وقال القاضي: يَضمَنُ نِصفَها.

وقال ابنُ عَقِيلٍ: مَنْ له قَوَدٌ في نَفْسٍ أوْ طَرَفٍ، فَقَطَعَ طَرَفَه، فَسَرَى أوْ صالَ مَنْ عليه الدِّيَةُ فدفعه دَفْعًا جائزًا فقَتَلَه؛ هل يكُونُ مُستَوفِيًا لِحَقِّه، كما يُجزِئُ إطْعامُ مضطرٍّ (٣) مِنْ كفَّارةٍ قد وَجَبَ عليه بَذْلُه له (٤)، وكذا مَنْ دَخَلَ مسجدًا فصلَّى قَضاءً ونَوَى كفَّارةً عن تحيَّةِ المسجد؟ فيه احْتِمالانِ.

(وَلَا يَقْتَصُّ مِنَ الطَّرَفِ إِلاَّ بَعْدَ بُرْئِهِ) في قَولِ الأكثرِ، وهو الأصحُّ؛ لِمَا رَوَى عمرو (٥) بن شُعَيبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه: أنَّ رجلاً طَعَنَ رجلاً بِقَرْنٍ في رُكْبَتِهِ، فجاءَ إلى النَّبيِّ فقال: أَقِدْنِي، فقال: «حتَّى تَبْرَأَ»، ثُمَّ جاء إليه فقال: أَقِدْني، فأَقَادَه، ثُمَّ جاء إليه، فقال: يا رسولَ الله عَرِجْتُ، فقال: «قد نَهَيتُكَ فعَصَيتَنِي، فأبعدَكَ (٦) اللهُ وبَطَلَ عرجُكَ»، ثُمَّ نَهَى رسولُ الله أنْ يُقتَصَّ (٧) مِنْ جُرْحٍ حتَّى يبرأ (٨)، رواه أحمدُ والدَّارَقُطْنِيُّ (٩)، ولأِنَّ الجُرْحَ لا


(١) في (م): استوفى.
(٢) في (ن): لحر.
(٣) في (م): الطعام مفطر.
(٤) قوله: (له) سقط من (م).
(٥) في (م): عمر.
(٦) في (ن): فأتعبك.
(٧) في (م): نقتص.
(٨) في (ن): برئ.
(٩) أخرجه أحمد (٧٠٣٣)، من طريق ابن إسحاق، وأخرجه الدارقطني (٣١١٤)، والبيهقي من طريقه في الكبرى (١٦١١٥)، من طريق ابن جريج، كلاهما عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ورواية أحمد فيها: (عن ابن إسحاق قال: وذكر عمرو بن شعيب)، قال ابن عبد الهادي: (وليس فيه ذكر سماع ابن إسحاق من عمرو، فالظاهر أنه لم يسمعه منه)، وذكر البخاري أن ابن جريج لم يسمع من عمرو بن شعيب، وأعله الدارقطني بالإرسال، وأخرجه عبد الرزاق (١٧٩٩١)، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب قال: قضى رسول الله فذكره مرسلاً، وروي من أوجه أخرى مرسلة، وصححه الألباني بشواهده. ينظر: سنن الدارقطني ٤/ ٧٢، تنقيح التحقيق ٤/ ٤٩٢، جامع التحصيل ص ٢٢٩، الإرواء ٧/ ٢٩٨.