للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بذِكْرِ العَمْد، بل (١) مَعْناهُ صَالَحَ عنه صُلْحَ إنْكارٍ، وجَزَمَ به في «الرَّوضة».

(وَلَا اعْتِرَافًا)؛ أيْ: لم يُصدِّقْه به، بغَيرِ خِلافٍ نَعلَمُه (٢)؛ لأِنَّه مُتَّهَمٌ في أنْ يُواطِئَ من يقرُّ له (٣) بذلك؛ لِيَأخُذَ الدِّيَة مِنْ عاقِلَتِه فيُقاسِمَه إيَّاها، ولأِنَّه لا يُقبَلُ إقْرارُ شَخْصٍ على غَيرِه، وحِينَئِذٍ يَلزَمُه ما اعترف به (٤).

ومَعْناهُ: بأنْ يُقِرَّ على نفسه بجنايةِ خَطأٍ أوْ شِبْهِ عَمْدٍ توجب (٥) ثُلُثَ الدِّيَةِ فأكثرَ إنْ لم تُصدِّقه (٦) العاقِلةُ.

(وَلَا مَا دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ)؛ كأرْشِ المُوضِحَةِ، نَصَّ على ذلك (٧)؛ لِقَضاءِ عُمَرَ: «أنَّها لا تَحمِلُ شَيئًا حتَّى يَبلُغَ عَقْلَ المأْمُومة» (٨)، ولأِنَّ الأصْلَ وُجوبُ الضَّمان على الجاني؛ لأِنَّه هو المتْلِفُ، فكان عليه؛ كسائر المتْلَفات، لكِنْ


(١) قوله: (بل) سقط من (م).
(٢) ينظر: المغني ٨/ ٣٨٤.
(٣) قوله: (يقر له) في (م): بقوله.
(٤) قوله: (به) سقط من (ظ) و (ن).
(٥) في (ن): فوجب.
(٦) في (ن): لم يصدقه.
(٧) ينظر: مسائل ابن منصور ٧/ ٣٥٠٨، زاد المسافر ٤/ ٣١٩.
(٨) ذكره ابن حزم في المحلى (١١/ ٢٦٩)، عن ابن وهب، أخبرني ابن سمعان قال: سمعت رجالاً من علمائنا يقولون: «قضى عمر بن الخطاب في الدية أنْ لا يحمل منها شيء على العاقلة حتى تبلغ ثلث الدية فإنها على العاقلة - عقل المأمومة والجائفة - فإذا بلغت ذلك فصاعدًا حملت على العاقلة»، وابن سمعان هو عبد الله بن زياد بن سمعان وهو متروك الحديث، واتهمه غير واحد بالكذب.
وأخرج البيهقي في الكبرى (١٦٣٨٤)، من طريق أيوب بن سويد، حدثني يونس بن يزيد، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، أن زيد بن ثابت ، قال: «لا تعقل العاقلة، ولا يعمها العقل إلا في ثلث الدية فصاعدًا»، قال البيهقي: (كذا رواه أيوب، والمحفوظ أنه من قول سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار)، ثم أخرجه البيهقي عنهما (١٦٣٨٥)، ويونس بن يزيد ثقة إلا أن في روايته عن الزهري يخطئ وفيها أوهام قاله أحمد وغيره.