للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفرَّق جُمْهورُ العُلَماء بَينَ الخَوارِج والبُغاةِ المتأوِّلِينَ، وهو المعروفُ عن الصَّحابة وغَيرِهم.

(وَعَلَى رَعِيَّتِهِ مَعُونَتُهُ عَلَى حَرْبِهِمْ)؛ لقوله (١) تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النِّسَاء: ٥٩]، ولقولِه : «مَنْ فارَقَ الجماعةَ شِبْرًا؛ فقد خَلَعَ ربقة الإسلامِ من عُنُقِه» رواه أحمدُ، وأبو داودَ، مِنْ حديثِ أبي ذَرٍّ (٢).

(فَإِنِ (٣) اسْتَنْظَرُوهُ مُدَّةً رَجَا رُجُوعَهُمْ فِيهَا؛ أَنْظَرَهُمْ) حكاهُ ابنُ المنذر إجْماعَ مَنْ يَحفَظُ عنه (٤)، وفي «الرِّعاية»: ثلاثًا، ولأِنَّ الإنْظارَ المرْجُوَّ به رُجوعُهم أَوْلَى مِنْ معالجتهم (٥) بالقِتال المؤدِّي إلى الهَرْج والمَرْجِ.

(فَإِنْ ظَنَّ أَنَّهَا مَكِيدَةٌ؛ لَمْ يُنْظِرْهُمْ)؛ لأِنَّ الإنْظارَ لا يُؤْمَنُ مِنْه أنْ يَصِيرَ طريقًا إلى قَهْرِ أهلِ الحقِّ، وذلك لا يَجُوزُ، وإنْ أَعْطَوْهُ عليه مالاً أوْ رَهْنًا؛ لأِنَّه يُخَلِّي سَبِيلَهم إذا انْقَضَت الحربُ، كما تُخلَّى (٦) الأسارَى، ولا يَجُوزُ قَتْلُهم.

فإنْ سَأَلوهُ أنْ يُنظِرَهم أبدًا، ويَدَعَهم وما هُمْ عَلَيهِ، ويَكُفُّوا عن المسلمين، فإنْ قَوِيَ عَلَيهِم؛ لم يَجُزْ إقْرارُهم على ذلك، وإلاَّ جازَ.


(١) في (ن): كقوله.
(٢) أخرجه أحمد (٢١٥٦١)، وأبو داود (٤٧٥٨)، وفي سنده خالد بن وهبان وهو مجهول، والحديث له شواهد تقويه وصححه بها ابن الملقن والألباني. ينظر: البدر المنير ٨/ ٥٢٧، السنة لابن أبي عاصم ٢/ ٤٣٤.
(٣) في (ظ): فلو.
(٤) ينظر: الإجماع ص ١٣٢.
(٥) كذا في النسخ الخطية، وهي موافقة لما في كشاف القناع، وفي الممتع ٤/ ٣٢٩: معاجلتهم.
(٦) في (م): على.