للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«وعمرُ في دِيَةِ الجَنِينِ» (١)، «وشاوَرَ في حَدِّ الخَمْر» (٢)، ولا مُخالِفَ في اسْتِحْبابِ ذلك.

والمُشاوَرَةُ هنا لاِسْتِخْراجِ الأَدِلَّة ويَعرِفَ الحقَّ بالاِجْتِهاد، قال أحمدُ: ما أحْسَنَه لو فعله (٣) الحُكَّامُ، يُشاوِرُونَ ويَنتَظِرونَ (٤).

(فَإِنِ اتَّضَحَ لَهُ (٥)؛ حَكَمَ)، ولا يَحِلُّ له تأخيرُه؛ لما فيه من تأخير الحقِّ عَنْ مَوضِعِه، (وَإِلَّا أَخَّرَهُ) حتَّى يَتَّضِحَ الحقُّ فيَحكُمَ به، لمَا فِيهِ من القَضاء بالجَهْل.

(وَلَا يُقَلِّدُ غَيْرَهُ وَإِنْ كَانَ أَعْلَمَ مِنْهُ)؛ لِأنَّ المجْتَهِدَ لا يَجُوزُ له التَّقليدُ ولو ضَاقَ الوَقْتُ؛ كالمجتهدين (٦) في القِبْلة، نَقَلَ ابنُ الحَكَم: (عَلَيهِ أنْ يَجتَهِدَ، قال عُمَرُ: «واللهِ ما يَدْرِي عمرُ أصاب الحقَّ أمْ أخْطَأَ» (٧)، ولو كان حَكَمَ بحُكْمٍ عن رسولِ الله لم يَقُلْ هذا) (٨).

ونَقَلَ أبو الحارِث: لا تُقلِّدْ أمْرَكَ أحْدًا، وعَلَيكَ بالأَثَر (٩)، وقال


(١) أخرجه مسلم (١٦٨٩)، من حديث المسور بن مخرمة .
(٢) أخرجه مسلم (١٧٠٦) من حديث أنس بن مالك .
(٣) قوله: (لو فعله) في (ن): أو عرفه.
(٤) ينظر: زاد المسافر ٣/ ٤٧٨.
(٥) قوله: (اتضح له) في (م): انتظر.
(٦) في (ن): كالمجتهد.
(٧) لم نقف عليه بهذا اللفظ، وقد أخرج الطحاوي في مشكل الآثار (٩/ ٢١٤)، والبيهقي في الكبرى (٢٠٣٤٨)، عن مسروق، قال: كتب كاتب لعمر بن الخطاب : هذا ما أرى الله أمير المؤمنين عمر. فانتهره عمر ، وقال: «لا، بل اكتب: هذا ما رأى عمر، فإن كان صوابًا فمن الله، وإن كان خطأ فمن عمر»، قال الحافظ في التلخيص ٤/ ٤٧٢: (إسناده صحيح).
(٨) ينظر: زاد المسافر ٣/ ٤٨٥.
(٩) ينظر: العدة للقاضي أبي يعلى ٤/ ١٢٢٩، الفروع ١١/ ١٣٥.