للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(الثَّانِي: اسْتِعْمَالُ المُرُوءَةِ)، وهِيَ بالهمز (١)، بوزن سُهولَةٍ: الإنسانية، قال الجَوهَرِيُّ: ولك أنْ تُشَدِّدَ (٢)، (وَهُوَ: فِعْلُ مَا يُجَمِّلُهُ وَيُزَيِّنُهُ، وَتَرْكُ مَا يُدَنِّسُه وَيَشِينُهُ) عادةً؛ لِأنَّ مَنْ فقدها؛ فقد اتَّصَفَ بالدَّناءة والسَّقاطة، وكَلامُه لا تَحصُلُ الثِّقَةُ به.

(فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ المُصَافِعِ)، قال الجوهري (٣): (الصَّفْعُ كلمةٌ مُوَلَّدَةٌ) (٤)، فالمصافِع (٥) إذِنْ: مَنْ يَصفَعُ غَيرَه، ويُمَكِّنُ غَيرَه مِنْ قَفاهُ فيَصْفَعُه، (وَالمُتَمَسْخِرِ (٦)، وَالمُغَنِّي، وَالرَّقَّاصِ)؛ أيْ: كثيرِ الرَّقْص؛ لِأنَّ ذلك سُخْفٌ ودَناءةٌ، فمَنْ رَضِيَه لِنَفْسِه واسْتَحْسَنَه؛ فلَيسَتْ له مُروءةٌ، ولا تَحصُلُ الثِّقةُ بقَولِه.

وحاصِلُه: أنَّ كَلامَ المؤلِّفِ مُشْعِرٌ بأنَّ شهادةَ مَنْ ذُكِرَ لا تُقبَلُ؛ لِعَدَمِ المُروءة.

قال ابنُ المنَجَّى: وفيه نَظَرٌ، وهو أنَّ المتَّصِفَ بخَصْلةٍ مِمَّا ذُكِرَ يَنبَغِي أنْ يُنظَرَ فِيما اتَّصَفَ به، فإنْ كان مُحرَّمًا؛ كان المانِعُ مِنْ قَبولِ شَهادَتِه كونَه (٧) فاعِلاً للمُحرَّمِ. لا يُقالُ: فِعْلُ المُحرَّمِ مَرَّةً لا يَمنَعُ مِنْ قَبولِ شهادته؛ لِأنَّ الكلامَ مَفْروضٌ فِيمَنْ هو مُتَّصِفٌ بذلك، مُستَمِرٌّ عَلَيهِ مَشْهورٌ به، وذلك يَقتَضِي المداوَمَةَ عَلَيهِ،


(١) في (م): بالهمزة.
(٢) ينظر: الصحاح ١/ ٧٢.
(٣) زيد في (م): من.
(٤) ينظر: الصحاح ٣/ ١٢٤٣.
(٥) في (م): والمصافع.
(٦) في (ن): والمتمشخر.
(٧) في (ظ): لكونه.