للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَعَذَّر ردُّه، وشُهُودُ التَّزْكِيَة ألْجَؤُوا الحاكِمَ إلى الفِعْل، فَلَزِمَهم الضَّمانُ؛ كما لو شَهِدَ عَدْلانِ بحَقٍّ، ثُمَّ حَكَمَ حاكِمٌ بها، ثُمَّ رَجَعَا، ولِأنَّ الحاكِمَ أتَى بما عَلَيهِ، والشُّهودُ لم يَعتَرِفُوا بِبُطْلانِ شَهادتِهم، وإنَّما التَّفْريطُ مِنْ المزَكِّينَ.

وقال القاضي: الضَّمانُ على الحاكم، وهذا الَّذي ذَكَرَه السَّامَرِّيُّ؛ لِأنَّه فرَّطَ في الحُكْمِ (١) بمَنْ لا يَجُوزُ الحُكْمُ بشَهادَتِه. وقال أبو الخَطَّاب: الضَّمانُ على الشُّهود؛ لِأنَّهم فَوَّتُوا الحقَّ على مستحقِّه (٢) بشَهادَتِهم الباطِلةِ؛ كما لو رَجَعُوا.

(فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ تَزْكِيَةٌ؛ فَعَلَى الْحَاكِمِ)؛ لِأنَّ التَّلَفَ حَصَلَ بفعله (٣) أوْ بأمْرِه، فَلَزِمَه الضَّمانُ؛ لِتَفْريطِه، وكذا إنْ كان مُزَكُّونَ فَماتُوا، ذَكَرَه في «الكافي» و «الرِّعاية»، ولا قَوَدَ؛ لِأنَّه مُخطِئٌ، وتَجِبُ الدِّيَةُ في بَيتِ المال، وعَنْهُ: على عاقِلَتِه.

فإنْ قِيلَ: إذا كان الوليُّ قد اسْتَوفَى حقَّه، فيصيرُ (٤) الضَّمانُ عَلَيهِ؛ كما لو حُكِمَ له بمالٍ فَقَبَضَه، ثُمَّ بانَ فِسْقُ الشُّهود.

قُلْنا: ثَمَّ حَصَلَ في يَدِ المسْتَوفِي مالُ المحْكُومِ عَلَيهِ بغَيرِ حقٍّ، فَوَجَبَ عَلَيهِ ردُّه وضَمانُه إنْ تَلِفَ، وهُنا لم يَحصُلْ في يَدِه شَيءٍ، وإنَّما أتْلَفَ شَيئًا بخَطَأِ الإمامِ وتَسْلِيطِه عَلَيهِ؛ فافْتَرَقَا.


(١) قوله: (في الحكم) سقط من (م).
(٢) في (ظ): مستحقيه.
(٣) في (ن): بقوله.
(٤) في (ظ) و (ن): فينصبُّ.