للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَعَنْهُ: لَا يُنْقَضُ (١) إِذَا كَانَا فَاسِقَيْنِ)؛ لِأنَّ شَرْطَ الحُكْم أن (٢) لا يَظهَرَ للقاضي فِسْقُ الشهود (٣)، وذلك موجودٌ (٤)، والكُفْرُ لا يَخفَى غالِبًا.

والأوَّلُ أَوْلَى؛ لِأنَّهما لم يَعتَرِفَا ببُطْلانِ شَهادَتِهما، لكِنْ تَبَيَّنَ فَقْدُ شَرْطِ الحُكْمِ، فَوَجَبَ أنْ يُقْضَى بنَقْضه، كما لو تبيَّنَ أنَّه (٥) حَكَمَ بالقياس، وهو مُخالِفٌ للنَّصِّ.

وإنْ ظَهَرُوا عَبِيدًا، أوْ وَلَدًا، أوْ والدًا (٦)، أوْ عَدُوًّا؛ فإنْ كان الَّذي حَكَمَ يَرَى الحكمَ به؛ لم يُنقَضْ؛ لأِنَّه لم يُخالِفْ نَصًّا ولا إجْماعًا، وإلاَّ نُقِضَ.

فرعٌ: إذا جَلَدَ الإمامُ إنسانًا ببيِّنة قامَتْ عِندَه، ثُمَّ بَانَ فِسْقُهم، أوْ كُفْرُهم، أوْ أنَّهم عَبِيدٌ؛ ضَمِنَ الإمامُ ما حَصَلَ بسببِ الضَّرْب؛ كما لو قَطَعَ أوْ قَتَلَ، وهو قَولُ الشَّافِعِيِّ (٧).

وقال مالِكٌ: يَضمَنُ في الكُفْر والرِّقِّ (٨).

وقال أبو حَنِيفةَ: لا ضَمانَ عَلَيهِ (٩).

(وَإِنْ شَهِدُوا عِنْدَ الحَاكِمِ بِحَقٍّ (١٠)، ثُمَّ مَاتُوا؛ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمْ)؛ لِأنَّ المَوتَ لا يُؤثِّرُ في الشَّهادة، ولا يَدُلُّ على الكَذِب فِيها، ولا يَحتَمِلُ أنْ يكونَ مَوجودًا حالَ أداءِ الشَّهادة، بخِلافِ الفِسْقِ؛ فإنَّه يَحتَمِلُ ذلك، وكذا إنْ


(١) قوله: (وعنه: لا ينقض) في (م): وعنده.
(٢) قوله: (أن) سقط من (ن).
(٣) قوله: (الشهود) سقط من (م).
(٤) زيد في (م): إلى حين الحكم.
(٥) في (ن): بأنه.
(٦) قوله: (أو والدًا) سقط من (م).
(٧) ينظر: الحاوي الكبير ١٧/ ٢٧٥.
(٨) ينظر: التلقين ٢/ ٢١٤، المعونة ص ١٥٦٤.
(٩) ينظر: المحيط البرهاني ٨/ ٥٣.
(١٠) قوله: (بحق) سقط من (ظ) و (م).