للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر بعض أصحابنا: الأَوْلى أن يقوم إمامٌ، ثمَّ مأمومٌ.

ولا يُحرِم الإمامُ حتَّى تَفرُغَ الإقامةُ، نَصَّ عليه (١)، وهو قول جلِّ أئمَّة الأمصار.

وعُلم منه: جوازُ إقامةِ المقيمِ قبل ذلك.

والمراد بالقيام إليها: هو التَّوجُّه إليها؛ ليَشمَل العاجِزَ عنه.

(ثُمَّ يُسَوِّي الْإِمَامُ الصُّفُوفَ) بالمناكِبِ والأَكعُبِ استحبابًا، فيَلتَفِت عن يمينه فيقول: استوُوا رحمكم الله، وعن يساره كذلك، وفي «الرِّعاية»: يقول عن يساره: اعتدِلوا رحمَكم اللهُ.

ويُكمَل الأوَّلُ فالأوَّلُ، ويَتراصُّون، قال أَنَسٌ: «كانَّ النَّبيُّ يُقبِل علينا بوجهه قبل أن يكبِّرَ فيقول: تراصُّوا واعتَدِلوا» متَّفقٌ عليه، زاد البخاريُّ: «فإنِّي أراكُم من وراءِ ظَهْري» (٢)، ورُوي عن عمرَ وعُثمانَ (٣).

قال في «الفروع»: (ويتوجَّه: يجبُ تسويةُ الصُّفوف، وهو ظاهِر كلام شيخنا؛ «لأنَّه رأى رجلاً بادِيًا صدرُه، فقال: لتُسَوُّنَّ صفوفَكم أو ليخالِفَنَّ اللهُ بين وُجوهِكم» (٤)، ومَن ذَكَر الإجماعَ على استحبابه؛ فمرادُه ثبوتُ استحبابه، لا نَفيُ وجوبِه).


(١) ينظر: مسائل عبد الله ص ٦١، زاد المسافر ٢/ ٢٠٥.
(٢) أخرجه البخاري (٧١٩)، ومسلم (٤٣٣).
(٣) أثر عمر أخرجه مالك في موطأ محمد بن الحسن (٩٧)، وعبد الرزاق (٢٤٣٩)، وبكر بن بكار في جمهرة الأجزاء الحديثية (٣٩)، عن نافع عن ابن عمر قال: «كان عمر لا يكبر حتى تعتدل الصفوف، يوكل بذلك رجالاً»، وإسناده صحيح.
وأثر عثمان أخرجه مالك (١/ ١٥٨)، ومن طريقه عبد الرزاق (٢٤٠٨) والطحاوي في مشكل الآثار (١٤/ ٢٩٥)، والبيهقي في الكبرى (٢٢٩٣)، عن مالك الأصبحي قال: كنت مع عثمان بن عفان، فقامت الصلاة، وفيه: حتى جاءه رجال قد كان وكَّلهم بتسوية الصفوف فأخبروه أن الصفوف قد استوت، فقال لي: «استوفي الصف، ثم كبَّر»، وإسناده صحيح.
(٤) أخرجه البخاري (٧١٧)، ومسلم (٤٣٦).