للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(إِحْدَاهُنَّ: تَبْطُلُ) مُطلَقًا، اختارها الخلاَّل وصاحبُه، وقدَّمها في «المحرَّر» و «الرِّعاية»، وصحَّحها جماعةٌ، وهي اختيارُ أكثرِ الأصحاب؛ لما رَوى زيدُ ابنُ أرقمَ قال: «كنَّا نتكلَّم في الصَّلاة، يكلِّم الرَّجل منَّا صاحبَه، وهو إلى جنبه في الصَّلاة، حتَّى نزلت ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ [البَقَرَة: ٢٣٨]، فأُمرنا بالسُّكوت، ونهينا عن الكلام» متَّفق عليه، وللتِّرمذيِّ فيه: «كنَّا نتكلَّم خَلْف رسول الله في الصَّلاة» (١)، وزَيدٌ مدَنيٌّ، وهو يدلُّ على أنَّ نسخَ الكلام كان بالمدينة، ويعضُده حديثُ معاويةَ (٢).

(وَالثَّانِيَةُ: لَا تَبْطُلُ) مطلقًا، نَصَّ عليه في رواية جماعة (٣)، وقدَّمه ابن تميم، وذكر المؤلِّف أنَّه الأَولى، وصحَّحه في «الشَّرح» (٤)؛ «لأنَّ النَّبيَّ وأبا بكر وعمر وذا اليدين تكلَّموا، وبنَوا على صلاتهم».

فعلى هذا: إن أمكنه استِصلاحُ الصَّلاة بإشارةٍ ونحوها، فتكلَّم؛ فذكر في «المذهب» وغيره: أنَّها تبطُل.

وعنه: إن تكلَّم لمصلحتها سهوًا؛ لم تَبطُل، وإلاَّ بطَلت، قال في «المحرَّر»: وهو أصحُّ عندي؛ لأنَّ النَّهيَ عامٌّ، وإنَّما ورد في حال السَّهو فيختصُّ به، ويبقى في غيره على الأصل.

(وَالثَّالِثَةُ: تَبْطُلُ صَلَاةُ المَأْمُومِ)؛ لأنَّه لا يمكنه التَّأسِّي بالخليفَتين، فإنَّهما كانا مجِيبَين للنَّبيِّ ، وإجابتُه واجبةٌ بالنَّصِّ (٥)، ولا بذي اليدين؛ لأنَّه تكلَّم


(١) أخرجه البخاري (١٢٠٠)، ومسلم (٥٣٩)، والترمذي (٤٠٥).
(٢) أخرجه مسلم (٥٣٧)، من حديث معاوية بن الحكم السلمي ، ولفظه: «إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن».
(٣) ينظر: مسائل عبد الله ص ١٠١، مسائل أبي داود ص ٧٨، مسائل صالح ٢/ ٤٧٦، مسائل ابن منصور ٢/ ٦٢٢.
(٤) زاد في (أ) و (د) و (و) و (ز): (وهو ظاهر «الوجيز»)، وقد ضُرب عليها في الأصل.
(٥) قوله: (بالنص) سقط من (و).
وكتب على هامش (و): (قلت: بل يمكنه التَّأسِّي بالسرعان الذين قالوا: قصرت الصَّلاة، فلم يأمرهم بالإعادة).