للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرَّابعة: أنَّه إذا انتحَبَ من خشية الله تعالى؛ أنَّه لا يضرُّ؛ لما روى (١) مطرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير عن أبيه قال: «رأيتُ رسولَ الله يصلِّي، ولصدرِهِ أزيزٌ كأزيزِ المِرجلِ مِنَ البكاءِ» رواه أحمد وأبو داود (٢)، قال أحمد: (كان عمر يبكي حتَّى يُسمَعَ له نَشِيجٌ) (٣)، وذكره (٤) البخاري عن عبد الله بن شدَّاد: «أنَّه سمعه وهو في آخر الصُّفوف» (٥).

وظاهره: وإن لم يكن عن غَلَبة، وقاله القاضي وأبو الخطاب، وصحَّحه ابن تميم، وهو ظاهر كلام الأكثر؛ لأنَّ الله تعالى مدح الباكين فقال: ﴿خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا﴾ [مَريَم: ٥٨]، ﴿وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ﴾ [الإسرَاء: ١٠٩]، وهو عامٌّ فيما تضمن (٦) حرفًا أو حروفًا؛ ولأنَّه (٧) ذكر ودعاء، ولهذا مدح إبراهيم فقال: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ [التّوبَة: ١١٤]، وفي التَّفسير: (أنَّه كان يتأوَّه خوفًا من الله تعالى) (٨).

والثَّاني: تَبطُل (٩)، ذكر (١٠) المؤلِّف: أنَّه الأشبه بأصول أحمد؛ لعموم


(١) قوله: (روى) سقط من (أ).
(٢) أخرجه أحمد (١٦٣١٢)، وأبو داود (٩٠٤)، وابن خزيمة (٩٠٠)، وابن حبان (٦٦٥)، وصححه النووي وغيره. ينظر: الخلاصة ١/ ٤٩٧، صحيح أبي داود ٤/ ٥٨.
(٣) ينظر: المغني ٢/ ٣٧، وفي مسائل صالح ٢/ ٢٥٩: (سمعت أبي يقول: عبد الله بن شداد لم يسمع من النبي شيئًا، سمع من علي ومن عمر، قال: سمعت نشيج عمر).
(٤) في (ب): وذكر.
(٥) علقه البخاري بصيغة الجزم (١/ ١٤٤)، ووصله عبد الرزاق (٢٧١٦)، وسعيد بن منصور في التفسير (١١٣٨)، وابن أبي شيبة (٣٥٦٥)، والبيهقي في الشعب (١٨٩٥)، قال الحافظ في تغليق التعليق ٢/ ٣٠٠: (إسناد صحيح).
(٦) في (أ) و (ز): يضمن.
(٧) في (أ): لأنَّه.
(٨) ينظر: تفسير السمرقندي ٣/ ٥٣٢، تفسير الثعالبي ٣/ ٢٢٢.
(٩) في (و): يبطل.
(١٠) في (أ) و (و) و (ز): ذكره.