للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النُّصوص، والمدح على البكاء لا يخصِّصه؛ كردِّ السَّلام، وتشميت العاطس، وكما لو لم يكن من خشية؛ لأنَّه يقع على الهجاء، ويدلُّ بنفسه على المعنى كالكلام.

وإن استدعى البكاءَ؛ كُره كالضَّحك، وإلاَّ فلا.

فرع: إذا تأوَّه، أو أنَّ؛ فبان حرفان من خوف الله تعالى؛ لم تبطل وإن كان عن غير غلبة؛ لأنَّ الكلام لا ينسب إليه، ولا يتعلَّق به حكم من أحكام الكلام، فدلَّ أنَّهما إذا ظهرا من بُكاءٍ أو بُصاقٍ أو تَثاؤبٍ أو سُعالٍ -لا من خشية الله تعالى-؛ أنَّها تَبطُل.

قال في «المستوعب» وغيره: إذا قلنا إنَّ الكلام ناسيًا لا تَبطُل الصَّلاة به؛ فما كان من هذه الأشياء غالبًا؛ لا تَبطُل به وإن بان حرفان.

(وَقَالَ أَصْحَابُنَا فِي النَّحْنَحَةِ مِثْلَ ذَلِكَ)؛ أي: هي كالنَّفخ والقَهْقهَة؛ إن بان حرفان فسدت؛ لأنَّه إذ أبانهما كان متكلِّمًا، أشبه ما لو أنَّ.

(وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ: أَنَّهُ كَانَ يَتَنَحْنَحُ فِي الصَّلَاةِ)، نقلها المَرُّوذِيُّ ومُهنَّى (١)، (وَلَا يَرَاهَا مُبْطِلَةً لِلصَّلَاةِ)، اختارها المؤلِّفُ، ويَعضُده ما رَوى أحمدُ وابن ماجَهْ عن عليٍّ قال: «كان لي مدخلان من (٢) رسولِ الله باللَّيل والنَّهار، فإذا دخلتُ عليه وهو يصلِّي يَتَنحنَح لي»، وللنَّسائيِّ معناهُ (٣)، ولأنَّها


(١) ينظر: المغني ٢/ ٤٠.
(٢) في (أ) و (ب): زمن.
(٣) أخرجه أحمد (٦٠٨)، والنسائي (١١٣٥)، وابن ماجه (٣٧٠٨)، وابن خزيمة (٩٠٢)، من طريق عبد الله بن نُجَي، عن علي ، وعبد الله بن نجي مختلف فيه، فقد قال عنه البخاري وابن عدي: (فيه نظر)، وقال الدارقطني: (ليس بقوي)، ووثقه النسائي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حجر: (صدوق)، واختلف في سماعه من علي، فنفاه ابن معين، وأثبته البزار، وقد وردت رواية لهذا الحديث عند أحمد (٦٤٧)، والنسائي (١١٣٨)، أدخل فيها بينه وبين علي أباه، وقال ابن حبان: (يروى عن علي، ويروى أيضًا عن أبيه عن علي)، وذكر الدارقطني أن عبد الله لم يسمع هذا الحديث من علي وإنما سمعه من أبيه. ينظر: الثقات لابن حبان ٥/ ٣٠، علل الدارقطني ٣/ ٢٥٨، تهذيب التهذيب ٦/ ٥٥، البدر المنير ٤/ ١٨٥.