للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكرهه مجاهد؛ لأنَّه «نهى عن الوضوء بالماء الحميم» (١).

وذكر في «المستوعب» و «المغني» و «المحرر»: أنَّه إن اشتدَّ حرُّه كُرِه، وعليه يُحمل النَّهي عن الوضوء بماء الحَميم إن ثبت؛ لكونه يؤذي أو يمنع الإسباغ.

ومن نُقِل عنه الكراهة علَّل بخوف مشاهدَة العورة، أو قصد التنعُّم به، وهذا إجماع منهم على أنَّ سخونة الماء لا توجب كراهة.

(فَهَذَا) إشارة إلى ما سبق؛ (كُلُّهُ طَاهِرٌ مُطَهِّرٌ، يَرْفَعُ الْأَحْدَاثَ)، جمع حدَث، وهو ما أَوْجبَ الوضوءَ أو الغسلَ، (وَيُزِيلُ الْأَنْجَاسَ)، جمع نجَس - بفتح الجيم وكسرها -، وهو في اللُّغة: المُسْتَقْذَرُ، يقال: نَجِسَ ينجَس كعَلِمَ يعلَم، ونَجُسَ ينجُس كشَرُفَ يشرُف.

وفي الاصطلاح: كلُّ عين حرُم تناولها على الإطلاق في حالة الاختيار مع إمكانه، لا لحرمتها، ولا لاستقذارها (٢)، ولا لضررٍ بها في بدن أو عقْل.

فاحترز ب (الإطلاق) عما يباح قليله دون كثيره؛ كبعض النبات الذي هو سم، وب (الاختيار) عن الميتة بأنها لا تحرم في المخمصة مع نجاستها، وب (إمكان التناول) عن الحجر ونحوه من الأشياء الصلبة، وب (عدم الحرمة) عن


(١) لعله يشير إلى الأحاديث الواردة في النهي عن دخول الحمام، فإن المصنف قال بعد ذلك: (ومن نُقِل عنه الكراهة علَّل بخوف مشاهدَة العورة، أو قصد التنعُّم به)، ويؤيده: قول السخاوي في المقاصد الحسنة ص ٤٣٣، بعد أن ذكر حديثًا في الحمام: (وكل ما جاء فيه ذكر الحمام؛ فهو محمول على الماء المسخن خاصة، من عين أو نحوها).
ومن ذلك: ما رواه البيهقي في الكبرى (١٤٨٠٥)، عن طاوس: قال رسول الله : «احذروا بيتًا يقال له: الحمام»، وهذا مرسل، ورواه البيهقي بعده (١٤٨٠٦)، عن طاوس، عن ابن عباس مرفوعًا، وقال: (رواه الجمهور عن الثوري على الإرسال)، ووافقه البزار، وقال الحازمي: (وأحاديث الحمام كلها معلولة)، ومثله قال العجلوني. ينظر: مجمع الزوائد ١/ ٢٧٧، الاعتبار للحازمي ص ٢٤١، كشف الخفاء ٢/ ٥١٦.
(٢) في (أ) و (و) و (ز): استقذارها.