للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لا يَمْتَنِعْ. ولأنَّ اليمينَ على ذلك مانِعَةٌ مِن فِعْلِ الطَّاعَةِ، أو (١) حامِلَةٌ على فِعْلِ المَكْرُوهِ، فتكونُ مَكْرُوهَةً. فإن قيلَ: لو كانت مَكْرُوهَةً لأنْكَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على الأعْرابِيِّ الذي سَألَه عن الصَّلواتِ، فقال: هل عليَّ غيرُها؟ فقال: «لَا، إلَّا أنْ تَطَوَّعَ». فقال: والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ لا أَزِيدُ عليها ولا أنْقُضُ منها. ولم يُنْكِرْ عليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، بل قال: «أفْلَحَ الرَّجُلُ إنْ صَدَقَ» (٢). قُلْنا: لا يلزَمُ هذا، فإنَّ اليَمِينَ على تَرْكِها، [لا تَزِيدُ على] (٣) تَرْكِها، ولو تَرَكَها، لم يُنْكَرْ عليه، ويَكْفِي في ذلك بَيانُ أنَّ ما تَرَكَه تَطَوُّعٌ، وقد بَيَنّهَ له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بقَوْلِه: «إلَّا أنْ تَطَوَّعَ». ولأنَّ هذه اليَمِينَ إن تَضَمَّنَتْ تَرْكَ المنْدوبِ، فقد تَناوَلَتْ فِعْلَ الواجِبِ، والمُحافَظَةَ عليه كلِّه، بحيثُ لا يَنْقُصُ منه شيئًا، وهذا في الفَضْلِ يَزِيدُ على ما قابَلَه مِن تَرْكِ التَّطَوُّعِ، فيَتَرَجَّحُ جانِبُ الإِتْيانِ بها على تَرْكِها، فيكونُ مِن قِبَلِ المندُوبِ، فكيفَ يُنْكَرُ! ولأنَّ في الإِقْرارِ على هذه اليَمِينِ بَيانَ حُكْمٍ يُحْتاجُ إليه، وهو بَيانُ أنَّ تَرْكَ التَّطَوُّعِ غيرُ مُؤاخَذٍ به، ولو أنْكَرَ على الحالِفِ هذا، لحَصَلَ ضِدُّ هذا، وتَوَهَّمَ كثيرٌ مِن الناسِ لُحوقَ الإِثْمِ بتَرْكِه، فيَفُوتُ الغَرَضُ. ومِن قِسْمِ المَكْرُوهِ الحَلِفُ في البَيعِ، فإنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «الحَلِفُ مُنْفِقٌ للسِّلْعَةِ، مُمْحِقٌ


(١) في الأصل: «و».
(٢) تقدم تخريجه في ٣/ ١٢٦. ويضاف إليه: والإمام أحمد، في: المسند ١/ ١٦٢.
(٣) في الأصل: «تزيد».