(القسمُ الثالثُ، تَحْرِيمُ المُصَاهَرَةِ، وهُنَّ أرْبَعٌ؛ أُمَّهاتُ النِّساءِ) فمَن تَزَوجَ امرأةً حَرُمَ عليه كلُّ أُمٍّ لها مِن نَسَبٍ أو رَضَاعٍ، قَرِيبَةٍ أو بَعِيدَةٍ، بمُجَرَّدِ العَقْدِ. نَصَّ عليه أحمدُ وهو قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ؛ منهم ابنُ مسعودٍ، وابنُ عمرَ، وجابرٌ، وعِمْرانُ بنُ حُصَينٍ، وكثيرٌ مِن التابعين. وبه يقولُ مالكٌ، والشافعيُّ، وأصحابُ الرأي. وحُكِيَ عن عليٍّ، رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّها لا تَحْرُمُ إلَّا بالدُّخُولِ بابْنَتِها، كما لا تَحْرُمُ ابْنَتُها إلَّا بالدُّخُولِ بها. ولَنا، قولُ اللهِ تعالى:{وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ}. والمَعْقُودُ عليها مِن نِسائِه، فتَدْخُلُ أُمُّها في عُمُومِ الآيةِ. قال ابنُ عباسٍ: أبْهِمُوا ما أبْهَمَ القرآنُ (١). يعني عَمِّمُوا حُكْمَها في كلِّ حالٍ، ولا تَفْصِلُوا بينَ المَدْخُولِ بها وبينَ غيرِها. وروَى عمرُو بنُ شُعَيبٍ عن أبيه عن جَدِّه،
(١) أخرج نحوه سعيد بن منصور في سننه ١/ ٢٣٤. وابن أبي شيبة، في: المصنف ٤/ ١٧٣.