الحَوامِلِ. وإذا ثَبَت هذا، لَزِمَتْها العِدَّةُ، وحَرُمَ النِّكاحُ فيها؛ لأنَّها في الأصلِ لمعرِفةِ بَراءَةِ الرَّحِمِ، ولأنَّها قبلَ العِدَّةِ يَحتَمِلُ أن تكونَ حامِلًا، فلم يَصِحَّ نِكاحُها، كالمَوْطُوءَةِ بشُبْهةٍ. وقال أبو حنيفةَ، والشافعي: لا عِدَّةَ عليها؛ لأنَّه وَطْءٌ لا تَصِيرُ به فِراشًا، فأشْبَه وَطْءَ الصَّغِيرِ. ولَنا، ما ذَكَرناه، وإذا لم يَصِحَّ نِكاحُ الحاملِ، فغيرُها أوْلَى؛ لأنَّ وَطْءَ الحاملِ لا يُفْضِي إلى اشْتِباهِ النَّسَبِ، وغيرُها يَحتَمِلُ أن يكُونَ وَلَدُها مِن الأوَّلِ، ويَحتَمِلُ أن يكونَ مِن الثاني، فيُفْضِي إلى اشْتِباه الأنْسابِ، فكان بالتَّحرِيم أوْلَى، ولأنَّه وَطء في القُبُلِ، فأوْجَبَ العِدَّةَ، كوَطْء الشُّبْهةِ، ولا نُسَلِّمُ وَطْءَ الصغيرِ الذي يمكِنُه الوَطْءُ. والشَّرطُ الثاني، أنَّ تتوبَ مِن الزنَى. وبه قال قَتادَةُ، وإسحاق، وأبو عُبَيدٍ. وقال أبو حنيَفةَ، ومالكٌ، والشافعيُّ: لا يُشْتَرَطُ ذلك؛ لِما روِيَ أنَّ عمرَ ضَرَب رجلًا وامرأةً في الزِّنَى، وحَرَص أن يَجْمَعَ بينَهما، فأبَى الرجلُ (١). ورُوِيَ أنَّ رجلًا
(١) أخرجه عبد الرزاق، في: المصنف ٧/ ٢٠٣، ٢٠٤. وسعيد بن منصور، في: سننه ١/ ٢٢٤. وابن أبي شيبة، في: المصنف ٤/ ٢٤٨. والبيهقي، في: السنن الكبرى ٧/ ١٥٥.