وأقام بمن معه من الأشراف وغيرهم فى الزّاهر أياما، ثم رحلوا بغير قصد؛ لأن بعض أصحاب علىّ أمر بعض أصحاب حسن بالرحيل، فرحل وتلاه الباقون. وسافر حسن بعد ذلك إلى مصر راجيا لإمرة مكة. فحضر عند الملك الظاهر صاحب مصر بالقلعة غير مرة، ثم اعتقل بقلعة الجبل فى شهر رمضان من السنة المذكورة.
ووصل كتاب السلطان إلى علىّ يخبره بذلك، ويأمره فيه بالعدل مع خلعة، فلبسها وقرأ الكتاب بالمسجد الحرام، فى سلخ رمضان، وبعد جمعة استشهد علىّ، وذلك فى سابع شوال من السنة المذكورة. وبلغ قتله السلطان فى تاسع ذى القعدة من السنة المذكورة، فأطلق حسنا، وولّاه عوض أخيه إمرة مكة، وجعل إلى الأمير يلبغا السالمى تقليد حسن للإمرة. وكان يظن أنه يدرك الحج. فما قدر ذلك.
ووصل الخبر بولايته إلى مكة، فى أثناء العشر الأخير من ذى القعدة. وقام بخدمة الحاج، أخوه محمد بن عجلان. وكان بالبلد من حين قتل علىّ. ووقع فى هذا الموسم فتنة فى يوم التروية، نهبت فيها للحاج أموال كثيرة، وطمع الحرامية فى الحجاج، فنهبوهم بطريق عرفة. وكان معظم النّهب بالمأزمين، مأزمى عرفة، ويسميها أهل مكة المضيق، ورحل الحاج أجمع فى هذه السنة، يوم النفر الأول، وما توجه السيد حسن من مصر إلا بعد وصول الحاج إليها بأيام نحو نصف شهر، وتوجه معه بجماعة من الترك، قيل إنهم مائة وثلاثون، وقيل سبعون، ومعه من الخيل تسعون ـ بتقديم التاء ـ وغير ذلك مما يحتاج إليه ويتجمّل به. ولما انتهى إلى ينبع طالب أميرها وبير بن مخبار، بما أنعم به عليه السلطان عنده؛ لأن السلطان كان بعث قمحا للبيع إلى ينبع، فاستولى عليه وبير، ثم أنعم به السلطان على السيد حسن. فتوقف وبير فى تسليم ذلك إليه، فأمر حسن غلمانه بلبس السلاح والتهيؤ للقتال.
فلما عرف ذلك وبير أرضاه بخمسة وثلاثين ألف درهم، ورحل عنه حسن إلى مكة، وأمر أخاه محمد وأصحابه بلقائه، فاجتمعوا قريبا من ثنيّة عسفان أو السويق.
وكان الأشراف لما سمعوا بإقبال حسن إلى مكة، وخروج محمد ومن معه منها للقائه، رحلوا من عسفان إلى غران إلى شق طريق الماشى، فطلب حسن الأشراف يوما وليلة، فلم يلحقهم لارتفاعهم فى الحرار، وأمر علىّ بن كبيش، أن يخرج من مكة بجماعة من أهلها إلى خيف بنى شديد، ليقطعوا بها نخيلا للأشراف، ففعل ذلك، ثم أشير عليه بالإعراض عن ذلك، فترك وانتهى إلى بئر شميس وأقام بها عشرا، ثم دخل مكة فى يوم