فإذا كانت قد فتحت عنوة، فهل يضرب الخراج على مزارعها كسائر أرض العنوة، وهل يجوز لكم أن تفعلوا ذلك أم لا؟ . قيل: فى هذه المسألة قولان لأصحاب العنوة. أحدهما: المنصوص المنصور الذى لا يجوز القول بغيره، أنه لا خراج على مزارعها وإن فتحت عنوة، فإنها أجل وأعظم من أن يضرب عليها الخراج، لا سيما والخراج هو جزية الأرض، وهو على الأرض كالجزية على الرءوس، وحرم الرب أجل قدرا وأكبر من أن تضرب عليه جزية، ومكة بفتحها عادت إلى ما وضعها الله عليه من كونها حرما آمنا يشترك فيه أهل الإسلام، إذ هو موضع مناسكهم ومتعبدهم وقبلة أهل الأرض. والثانى ـ وهو قول بعض أصحاب أحمد: أن على مزارعها الخراج، كما هو على مزارع غيرها من أرض العنوة، وهذا فاسد مخالف لنص أحمد رحمه الله ومذهبه، ولفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين من بعده رضى الله عنهم، فلا التفات إليه، والله أعلم. وقد بنى بعض الأصحاب تحريم بيع رباع مكة على كونها فتحت عنوة، وهذا بناء غير صحيح، فإن مساكن أرض العنوة تباع قولا واحدا، فظهر بطلان هذا البناء والله أعلم. انظر: (زاد المعاد ٣/ ٣١٥ وما بعدها).