فحالوا بين عبد الرحمن وبين جندب، فقال الوليد: علىّ بمضر، فقام إليه شبث ابن ربعى، فقال: لم تدعو مضر؟ تريد أن تستعين بمضر على قوم منعوا أخاهم منك، أن تقتله بعلج ساحر كافر من أهل السواد، لا تجيبك والله مضر إلى الباطل، وإلى ما لا يحل.
قال الوليد: انطلقوا به إلى السجن، حتى أكتب فيه إلى عثمان، قالوا: أما السجن، فإنا لا نمنعك أن تحبسه، فلما حبس جندب، أقبل ليس له عمل إلا الصلاة بالليل كله وعامة النهار، فنظر إليه رجل يدعى دينارا، ويكنى أبا سنان، صالحا مسلما، وكان على سجن الوليد، فقال له يا أبا عبد الله، ما رأيت رجلا قط خيرا منك، فأذهب رحمك الله حيث أحببت، فقد أذنت لك.
قال: إنى أخاف عليك هذا الطاغية أن يقتلك، قال أبو سنان: ما أسعدنى إن قتلنى، انطلق أنت راشدا.
فخرج، فانطلق إلى المدينة، وبعث الوليد إلى أبى سنان، فأمر به، فأخرج إلى السبخة، فقتل. فانطلق جندب ابن كعب، فلحق بالحجاز، وأقام بها سنين، ثم إن مخنف بن سليم، وجندب بن زهير، قدما على عثمان، فأتيا عليه فقصا عليه قصة جندب بن كعب، وأخبراه بظلم الوليد له. فكتب عثمان إلى الوليد: أما بعد، فإن مخنف ابن سليم، وجندب بن زهير، شهد عندى لجندب بن كعب بالبراءة، وظلمك إياه، فإذا قدما عليك، فلا تأخذن جندبا بشيء مما كان بينك وبينه، ولا الشاهدين بشهادتهما، فإنى والله أحسبهما قد صدقا، والله لئن أنت لم تعتب، ولم تتب، لأعزلنك عنهم عاجلا، والسلام.
وقد روينا فى كتاب «فضل الأسخياء والأجواد» للدارقطنى، حكاية تدل على جوده، وفيها أبيات مدح فيها. أخبرنا أبو الحسن على بن محمد بن أبى المجد الدمشقى إذنا، عن أبى بكر أحمد بن محمد بن أبى القاسم الرشتى، وغيره، قالوا: أنبأنا يوسف بن خليل الحافظ، أخبرنا يحيى بن أسعد بن يونس التاجر، أخبرنا أبو عبد الله يحيى بن الحسن بن البنا، أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد الآبنوسى، أخبرنا أبو الحسن على بن عمر الدارقطنى، حدثنا القاضى الحسين بن إسماعيل، حدثنا عبد الله بن أبى سعد، حدثنى محمد بن الحسن بن محمد بن سيار البجلى، حدثنا الحسن بن حفص المخزومى: أن لبيدا، جعل على نفسه أن يطعم ما هبت الصبا، قال: فألحت عليه [ ..... ](٨) زمن