الوليد بن عقبة، فصعد الوليد المنبر فقال: أعينوا أخاكم، وبعث إليه بثلاثين جزورا، وكان لبيد قد ترك الشعر فى الإسلام، فقال لابنته: أجيبى الأمير، فأجابت [من الوافر]:
إذا هبت رياح أبى عقيل ... ذكرنا عند هبتها الوليدا
أبا وهب جزاك الله خيرا ... نحرناها وأطعمنا الثريدا
طويل الباع أبيض عبشميا ... أعان على مروءته لبيدا
بأمثال الهضاب كأن ركبا ... عليها من بنى حام قعودا
فعد إن الكريم له معاد ... وظنى يا ابن أروى أن تعودا
فقال لبيد: أحسنت، لولا أنك سألت! قالت: إن الملوك لا يستحيى من مسألتهم، قال: وأنت فى هذا أشعر.
وقد ذكر هذا الخبر غير واحد، منهم: صاحب الأغانى.
وقال ابن عبد البر: وكان معاوية لا يرضاه، وهو الذى حرّضه على قتال على رضى الله عنه، فربّ حريص محروم، وهو القائل لمعاوية يحرضه ويغريه بعلى رضى الله عنه [من الطويل]:
فو الله ما هند بأمك إن مضى الن ... هار ولم يثأر بعثمان ثائر
أيقتل عبد القوم سيّد أهله ... ولم يقتلوه ليت أمّك عاقر
وإنا متى نقتلهم لا يقدبهم ... مقيد وقد دارت عليك الدوائر
وذكر الزبير بن بكار له أبياتا غير هذه، يحرض فيها معاوية على علىّ، فقال الزبير: حدثنى عمى مصعب بن عبد الله، قال: قدم معاوية الكوفة، فلما صعد المنبر، قال: أين أبو وهب؟ فقام إليه الوليد، فقال: أنشدنى قولك [من الوافر]:
ألا أبلغ معاوية بن صخر ... فإنك من أخى ثقة مليم
قطعت الدهر كالسّدم المعنّى ... تهدّر فى دمشق وما تريم
يمنّيك الخلافة كلّ ركب ... لأنضاء العراق بهم رسيم
فإنك والكتاب إلى علىّ ... لكدابغة وقد حلم الأديم
لك الخيرات فاحملنا عليهم ... فإن الطالب التّرة الغشوم
وقومك بالمدينة قد أبيحوا ... فهم صرعى كأنّهم هشيم
فأنشده إياها، فلما فرغ، قال معاوية (٩) [من الطويل]:
ومستعجب مما يرى من أناتنا ... ولو زبنته الحرب لم يترمرم
(٩) انظر نسب قريش ٤/ ١٤٠.