وفى شوال منها: ولى قضاء المالكية بمكة، من قبل الملك الناصر فرج بن الملك الظاهر برقوق. ولم يل القضاء بمكة قبله أحد مستقلا، ورتب له على ذلك معلوم.
وتوجه مع الحجاج المصريين إلى مكة، فبلغها فى آخر ذى القعدة من سنة سبع وثمانمائة.
وفى أوائل ذى الحجة قرئ توقيعه بالولاية بالمسجد الحرام خلف مقام الحنفى بعد صلاة العصر بحضرة أمير الحاج المصرى الأمير كزل العجمى وغيره من أعيان الحجاج وأهل مكة.
وفى سنة اثنتى عشر وثمانمائة زار المدينة النبوية، وحضر بها مجلس الإمام أبى عبد الله محمد بن أحمد الوانوغى فى الأصول والفقه وغير ذلك.
وأذن له الوانوغى فى الإفتاء والتدريس، وكتب له خطه بذلك بمنى فى أيامها من سنة ثلاث عشرة.
ومما كتبه الوانوغى فى إجازته للمذكور ـ بعد أن ذكر طلبه للاجتماع بعلماء مكة ـ: كان ممن اجتمعت به وذاكرته، وباحثته مرارا عديدة فى مسائل كثيرة من مسائل الفقه وغوامضه، وما يتعلق بها، وتكررت أسئلته عن ذلك كله ومباحثه فيها، مرة بعد أخرى السيد الفقيه، الفاضل، الأعدل، الأكمل الجامع للصفات الفاضلة، الحسيب الأصيل، القاضى تقى الدين محمد بن الشيخ الحسيب الأصيل شهاب الدين أحمد بن على الفاسى، نفع الله بفوائده وعلومه الجليلة.
وقد ورد علينا بالمدينة الشريفة، وحضر معنا درس الفقه والأصول، وأبدى فيه من فوائده ومباحثه الجليلة ما يليق بعلمه وفضله على طريقة أهل الفنون والمباحث، فرأيته فى ذلك كله أهلا للتدريس، والفتوى، والحكم، وإفادة الطالبين، مع ما جبل عليه من حسن الفهم، وحسن الإيراد، وسعة البال فى البحث والمراجعة فيه.
فأوجب ذلك كله الإذن له فى التدريس، والفتوى، وإفادة الطلبة، وحثه على الاشتغال بذلك كله، والملازمة له؛ لينتفع به الناس عموما، وأهل بلده خصوصا، فإنى لم أر من فقهاء المالكية بالحجاز كله من يقاربه فى جميع ما ذكرناه ـ نفع الله به ـ ولا فى اتصافه فى العلم ولا فى الفهم عن الأئمة. انتهى. بنصه باختصار من أوله وآخره.
وسبق صورة جميع ما كتبه الوانوغى فى ترجمة الوانوغى.