ومن خط أبى حيان نقلت ذلك، وذكره الذهبى فى العبر، فقال: صاحب التصانيف، وقدوة القائلين بوحدة الوجود، ثم قال: وقد اتهم بأمر عظيم.
وقد وصف شيخ الإسلام تقى الدين على بن عبد الكافى السبكى، ابن عربى هذا وأتباعه، بأنهم ضلال جهال، خارجون عن طريقة الإسلام؛ لأنه قال فيما أنبأنى به عنه الحافظان: زين الدين العراقى، ونور الدين الهيثمى، فى شرحه على «المنهاج» للنووى، فى باب الوصية، بعد ذكره للمتكلم: وهكذا الصوفية منقسمون كانقسام المتكلمين؛ فإنهما من واد واحد، فمن كان مقصوده معرفة الرب سبحانه وتعالى وصفاته وأسمائه، والتخلق بما يجوز التخلق به منها، والتجلى بأحوالها، وإشراق المعارف الإلهية عليه، والأحوال السنية عنده، فذلك من أعظم العلماء، ويصرف إليه من الوصية للعلماء والوقف عليهم، ومن كان من هؤلاء الصوفية المتأخرين، كابن العربى وأتباعه، فهم ضلال جهال، خارجون عن طريقة الإسلام، فضلا عن العلماء. انتهى.
وذكره الذهبى فى الميزان، فقال: صنف التصانيف فى تصوف الفلاسفة وأهل الوحدة، وقال أشياء منكرة، عدها طائفة من العلماء مروقا وزندقة، وعدها طائفة من العلماء، من إشارات العارفين ورموز السالكين، وعدها طائفة، من متشابه القول، وأن ظاهرها كفر وضلال، وباطنها حق وعرفان، وأنه صحيح فى نفسه كبير القدر. وآخرون يقولون: قد قال هذا الكفر والضلال، فمن ذا الذى قال: إنه مات عليه. فالظاهر عندهم من حاله، أنه رجع وأناب إلى الله، فإنه كان عالما بالآثار والسنن، قوى المشاركة فى العلوم.
قال: وقولى أنا فيه: أنه يجوز أن يكون من أولياء الله تعالى، الذين اجتذبهم الحق إلى جنابه عند الموت، وختم له بالحسنى.
وأما كلامه، فمن فهمه وعرفه على قواعد الاتحادية وعلم محط القوم، وجمع بين أطراف عبارتهم، تبين له الحق فى خلاف قولهم، وكذلك من أمعن النظر فى «فصوص الحكم» أو أنعم التأمل، لاح له العجب، فإن الذكى إذا تأمل من ذلك، الأقوال والنظائر والأشباه، فهو أحد رجلين، إما من الاتحادية فى الباطن، وإما من المؤمنين بالله، الذين يعدون أن أهل هذه النحلة من أكفر الكفرة. انتهى.
وقال فى تاريخ الإسلام، على ما أخبرنى به ابن المحب الحافظ، إذنا عنه سماعا: هذا الرجل كان قد تصوف وانعزل وجاع وسهر، وفتح عليه بأشياء امتزجت بعالم الخيال