للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٥٥٤ - وَلَيْسَ فِي مَجَالِ الاجْتِهَادِ … نَقْضٌ لِمَا مَرَّ فِي الاسْتِشْهَادِ

٢٥٥٥ - فَإنَّهُ مِمَّا بِهِ الأدِلَّةْ تَعَارَضَتْ … تَفْصِيلًا أَوْ فِي الْجُمْلَةْ

٢٥٥٦ - وَذَاكَ رَاجِعٌ إِلَى الأنْظَارِ … لَا نَفْسِ الأمْرِ عِنْدَ الاعْتِبَارِ

" و" لا يصح أن يقال: إن مما يدل على جريان الاختلاف في أحكام الشريعة وأنها موضوعة على وقوعه فيها، واقتضائها له باعتبار بنيتها - الأمور الاجتهادية - التي جعل الشارع فيها للاختلاف مجالا، فكثيرا ما تتوارد على المسألة الواحدة أدلة قياسية وغير قياسية، بحيث يظهر بينها التعارض ومجال الاجتهاد لما قصده الشارع في وضع الشريعة حين شرع القياس ووضع الظواهر التي يختلف في أمثالها النظار ليجتهدوا فيثابوا على ذلك. ولذلك نبه في الحديث على هذا المقصد بقوله عليه الصلاة والسلام: "إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر وإن أصاب فله أجران" فهذا موضع آخر من وضع الخلاف بسبب وضع محاله.

إذ "ليس" في الأمور المقررة شرعا "في مجال الاجتهاد" وشأنه "نقض" أي هدم "لما مر" ذكره "في" هذا الموضوع في مجرى "الاستشهاد" به، لإنه لا يعارض في واقع الأمر ما ذكر. "فـ" مجال الاجتهاد وإن كان موضع الاختلاف بين أهل الاجتهاد، "إنه" لم يكن متصفا بذلك لتعدد الأقوال - الأدلة - الشرعية الواردة فيه، بل لأن النظر فيه مداره على الإلحاق المبني على مقتضى التشابه. الذي قد تتعارض فيه الجهات المعتبرة في بناء الأحكام الفقهية الظنون وتتقابل فيه الاحتمالات التي تصلح أن تكون مناطا للحكم فيه، فكان بذلك "مما تعارضت به" يعني فيه "الأدلة" وتقابلت فيه تقابل الأضداد في نظر المجتهد، "تفصيلا" أي على وجه التفصيل، بحيث يكون ذلك التعارض في ذلك على جزئية "أو في الجملة" بحيث يكون التعارض بين جهة جزئية وجهة كلية، وبيان ذلك كله والتمثيل له سيأتي - إن شاء الله تعالى - في المسألة الثالثة في كتاب "لواحق الاجتهاد".

"و" بذلك فإن "ذاك" التعارض وجوده وحصوله "راجع إلى الأنظار" يعني أنظار المجتهدين وما يعرض لهم في مجرى ذلك من الاعتبارات الفقهية والجهات التي تتجاذب الأحكام فيها، "لا" إلى "نفس" الواقع و"الأمر" في الشريعة فإن ذلك ليس راجعا إليه على الإطلاق، وهذا تدركه عند إمعان النظر في هذا الشأن، وإجراء "الاعتبار" والتأمل فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>