للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٥٥٩ - أَوْ بِاعْتِبَارِ قُطْرٍ أَوْ زَمَانِ … وَذَا هُوَ التَّوْسِيعُ بِالْبَيَانِ

٢٥٦٠ - وَلَا بِوَقْعِ الْمُتَشَابِهَاتِ … أَعْنِي بِهَا نَوْعَ الْحَقِيقِيَّاتِ

٢٥٦١ - فَإِنَّهَا لِلابْتِلَاءِ وُضِعَتْ … لَا أَنَّهَا لِلْاخْتِلَافِ شُرِعَتْ

ما أحب أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا (١).

"أو "أن ذلك الاختلاف رجمه "باعتبار" صلاح بعضها بحال أهل "قُطرٍ" أو بلد، وصلاح بعضها الآخر بأهل غيره. "أو" باعتبار حال أهل "زمان" ما، دون أهل زمان آخر، وبذلك يكون الناس في سعة من أمرهم مع اختلاف أحوالهم الزمانية والمكانية، "وذا" إذا تأملت فيه تجد أنه "هو التوسيع" والتعميم "بالبيان" لكل ما قد يعرض من الأحوال للناس باختلاف بلداهم، وأزمنتهم. وأما الحكم الشرعي في واقع الأمر فهو واحد في كل جزئية.

"و" إذا كان - كل ما تقدم ذكره - من اختلاف الصحابة وجريان الاختلاف بين المجتهدين - لا يعارض هذا الأصل - وهو أن قول الشارع وحكمه في كل جزئية واحد - فإنه "لا" يعارض - كذلك "بوقع" أي وقوع "المتشابهات" وورودها، و"أعني بها" أي بالمتشابهات هنا "الحقيقيات" التي بين المراد بها في مجاري الكلام على الإحكام والتشابه.

"فـ" لا يصح أن يدعى فيها - أي المتشابهات المذكورة - أنها موضوعة في الشريعة قصد الاختلاف شرعا، لأن ذلك غير وارد، بل هو فاسد شرعا، ونظرا، وقد تقدم بيان ذلك والاستدلال عليه، والصحيح "إنها" في واقع الأمر قد وردت "للابتلاء" أي الاختبار و"وضعت" شرعا لأجله "لا أنها لـ" وقوع "الاختلاف" بين الناس في فهمها "شرعت" كما قد يدعى. ولما كانت موضوعة للابتلاء عمل الراسخون على وفق ما أخبر الله عنهم، ويقع الزائغون في اتباع أهوائهم ومعلوم أن الراسخين هم المصيبون وإنما أخبر عنهم أنهم على مذهب واحد في الإيمان بالمتشابهات علموها أو لم يعلموها، وأن الزائغين هم المخطئون. فليس في المسألة إلا أمر واحد، ولا أمران ولا ثلاثة، فإذا لم يكن إنزال المتشابه علما للاختلاف ولا أصلا فيه.


(١) الموافقات ٤/ ص ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>