للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٥٨٢ - ثُمَّ ثُبُوتُ الضِّدِ مَهْمَا ثَبَتَا … مَجْرَاهُ كَالنَّفْيِ بِحَيْثُ مَا أَتَا

٢٥٨٣ - وَذَا لَهُ أَمْثِلَةٌ مِثْلُ الْغَرَرْ … إِذْ فِيهِ مَا يُلْغَى وَفِيهِ مُعْتَبَرْ

الإثبات، إن قلنا: إن كل مجتهد مصيب، وأما على قول المخطئة، فالمقدم عليه إن كان مصيبا، فواضح أمره، وإلا فمعذور (١).

وقد تقرر من هذا الأصل أن قسم المتشابهات مركب من تعارض النفي والإثبات، إذ لو لم يتعارضا لكان من قسم الواضحات، وأن الواضح بإطلاق لم يتعارض فيه نفي مع إثبات، بل هو إما منفي قطعا وإما مثبت قطعا، وأن الإضافي إنما صار إضافيا لأنه مذبذب بين الطرفين الواضحين، فيقرب عند بعض من أحد الطرفين، وعند بعض من الطرف الآخر. وربما جعله بعض الناس من قسم المتشابهات، فهو غير مستقر في نفسه، فلذلك صار إضافيا لتفاوت مراتب الظنون في القوة والضعف (٢).

"ثم" إن "ثبوت الضد" وهو - هنا - الإثبات أو النفي، "مهما ثبتا" - الألف للإطلاق - أي حصل، ووقع "مجراه كالنفي" للضد الآخر "بحيث ما أتى" وورد فإذا نفى الوجوب في حكم ما - مثلا - فإن ذلك يفيد إثبات ضده فيه، ونفي العلم عن أمر يثبت ضده فيه لأن ثبوت العلم مع نفيه نقيضان، كوقوع التكليف وعدمه، وكالوجوب وعدمه، وما أشبه ذلك. وثبوت العلم مع ثبوت الظن أو الشك ضدان، كالوجوب مع الندب أو الإباحة مع التحريم. وما أشبه ذلك.

"وذا" الأصل الجاري المضي على مقتضاه في هذا القسم - قسم التردد والاجتهاد - أصل واضح لكن تساق "له أمثلة" هنا لتتميم الفائدة في شأنه والترسيخ لمعناه في الأذهان، وذلك "مثل الغرر" - بفتح الغين والراء - وهو منهى عنه، وإنما حسن سوقه هنا مثالا "إذ فيه ما يلغى" فلا يعتبر وجوده، "وفيه" ما هو "معتبر" وذلك باعتبار حالته ضعفا وقوة. فقد رأينا العلماء أجمعوا على منع بيع الأجنة والطير في الهواء والسمك في الماء. كما رأيناهم أجمعوا على جواز بيع الجبة التي حشوها مغيب عن الأبصار، ولو بيع حشوها بانفراده لامتنع، وعلى جواز كراء الدار مشاهرة مع احتمال أن يكون الشهر


(١) الموافقات ٤/ ص ١١٣.
(٢) الموافقات ٤/ ص ١١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>