وأشباه ذلك مما يورد من الكلام بصورة غيره، كالامر بصورة الخبر، والمدح بصورة الذم، والتقليل بصورة التكثير، وعكسها.
السبب الثالث: الحجة "أو الدليل" إذا "دار" بحكم دلالته الظاهرة "مقتضاه" ومعناه "ما بين الاستقلال" والانفراد بالحكم "أو "- بمعنى الواو - أي و"سواه" وهو عدم الاستقلال به وذلك كحديث الوارد في شأن مسألة جمع البيع بالشرط في مذهب الليث بن سعد مع أبي حنيفة وابن أبي ليلى وابن شبرمة وهذه مسألة سيأتي الكلام عليها، وكذلك ما ورد في شأن مسألة الجبر، والقدر، والاكتساب.
السبب الرابع: تقلب الدليل "أو" دورانه "بين" أن يكون من "ما يخص أو" - بمعنى الواو - أي وما "يعم" ومما يجري فيه ذلك قوله - تعالى -: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}[البقرة: ٢٥٦] فقد ذهبت طائفة كثيرة من العلماء إلى أن هذه الآية مخصوصة إذ محمولة على أهل الكتاب، ومن دخل في دينهم قبل النسخ والتبديل إذا بذلوا الجزية، وقال آخرون بل هي عامة، لكنها نسخت بآية القتال، وكذلك قوله - تعالى -: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا}[البقرة: ٣١] فقد قيل إنه علمه أسماء كل شيء، وقيل: إنما علمه أسماء الملائكة، وقيل غير ذلك، وعلى كل حال فالدليل هنا متردد بين العموم والخصوص في مقتضاه، ومعناه.
السبب الخامس: دعوى النسخ في الدليل وعدمه، وذلك إذا ظهرت علامة النسخ فيه لكنها غير مجزوم بها، "أو كان بعض" من أهل العلم "نسخه" أي نسخ ذلك الدليل "يؤم" ويقصد في بناءه للحكم في موضوعه أو في مجاري مقالاته وأمثلة هذا الصنف كثيرة جدا.
السبب السادس: كون الدليل تعتريه احتمالات في مراتبه الدلالية - كالأمر والنهي - "أو كان آتيا على احتمال" ظاهر "فيه لـ" اقتضاء "حكمين" مختلفين مقبولين "في"جهة "الاستدلال" به، وبذلك ينشأ الخلاف في حمل ذلك الدليل على معناه، مثاله: الخلاف الجاري في شأن الأذان، والتكبير على الجنائز، ووجوه القراءات كـ {يَطْهُرْنَ} في قوله - تعالى -: {حَتَّى يَطْهُرْنَ}[البقرة: ٢٢٢].