الرأي هذا - قد غاص به الفكر في منحى شرعي مطلق عام، اطرد له في جملة الشريعة اطراد لا يتوهم معه في الشريعة نقص، ولا تقصير، بل على مقتضى قوله - تعالى -: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}[المائدة: ٣].
"فـ" أما الذي على المذهب "الظاهري" فإنه لا يعتد إلا بظواهر النصوص، أو ما خرج منها بأدلة برهانية، وبذلك "مال لـ" لأخذ بـ "المسموع" من الأدلة والمنقول منها، "ورده" أي جعله "كلية المشروع" يعني الشريعة، فهو لا يبغي عن ذلك حولا، ولا يرى أنه محتاج معه لغيره مما يأخذ به غيره من الأدلة غير النصية، "فهو بذاك" الاقتصار على الأدلة النصية - نصوص الكتاب والسنة - "غير ذي" مبالاة أو "التفات" إلى "ما للمعانى" والمقاصد والعلل المرعاة شرعا في بناء الأحكام "من خصوصيات" تمير مواضع الأحكام بعضها عن بعض، وتوجه النظر إلى فهم مراد الشارع من النصوص الشرعية الواردة فيها، وترشد إلى الوجوه التي تحمل عليها هذه النصوص، وتفسر بها ولا يخفى أن عدم المبالاة بهذا يصد عن التفقه في النصوص الشرعية على الوجه المطلوب ويحجر عن فهمها فهما كاملا وإنما يذهب من على هذا المذهب - المذهب الظاهري - إلى هذا الشأن، ومن ذلك أنه يرى: أن الشريعة إنما جاءت لابتلاء المكلفين أيهم أحسن عملا، ومصالحهم تجرى على حسب ما أجراها الشارع، لا على حسب أنظارهم فنحن من اتباع مقتضى النصوص على يقين في الإصابة من حيث أن الشارع إنما تعبدنا بذلك. واتباع المعاني رأي فكل ما خالف النصوص منه غير معتبر لأنه أمر خاص مخالف لعام الشريعة والخاص الظني لا يعارض العام القطعي (١).
"و" أما "ذو" الرأي و"القياس" المذكور فإنه "جرد" وأخرج "المعاني" والمقاصد الشرعية وعلل الأحكام والقواعد الكلية "وعدها كلية في" هذا "الشأن" وهو بناء الأحكام الفقهية فيحكم بمقتضاها على سائر الفروع والجزئيات، من غير التفات منه إلى