أدري ما قالاه حدثني مسعود بن حكيم عن محارب بن دثار عن جابر بن عبد الله قال: اشترى مني رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقة فشرطت حملاني فأجاز البيع والشرط فيجوز أن يكون كل واحد منهم اعتمد في فتياه على كلية ما استفاد من حديثه ولم ير غيره من الجزئيات معارضا فأطرح الاعتماد عليه والله أعلم (١).
"و" أما الرتبة الثالثة فهي "رتبة الجامع للأمرين و" هما العمل بالقواعد الكلية، والعمل بالأدلة الجزئية التفصيلية، فصار بذلك الرجل "المقتفى" أي المتبع "شرعا كلا الحكمين" حكم القواعد الكلية، وحكم الأدلة التفصيلية الجزئية، وهذه الرتبة هي "رتبة من قد بلغ" غاية "النهاية" في العلم الشرعي، "و" بذلك فـ "هي لـ" تحصيل "الاجتهاد" وإدراكه "أقصى غاية" له، فليس وراءها رتبة أخرى تطلب في هذا الشأن، فصاحبها قد اتصف فيه بما به تمام هذا الأمر - الاجتهاد - "إذ نزل المعاني الشرعية" العامة "على خصوصياتها الفرعية" المراعاة للشارع، فلا يعمل بالقاعدة الكلية في موضع ما وهو معرض على ما ورد فيه من الأدلة الجزئية التفصيلية، كما لايعمل بدليل تفصيلي في موضع ما إلا وهو مستحضر للقاعدة الكلية الجاري حكمها فيه فصار "بحيث لا يصده" ولا يمنعه "استبصار" واستضاءة "في طرف" يعني بطرف من الطرفين - القواعد العامة والأدلة التفصيلية - "عما له اعتبار" من الطرف الآخر، فهو لا يجرى على عموم واحد منهما دون أن يعرضه على الآخر، ومع ذلك يلتفت إلى تنزل ما تلخص وتخلص له من ذلك على ما يليق من أفعال المكلفين.
وهذه الرتبة لا خلاف في صحة الاجتهاد من صاحبها وحاصله أنه متمكن فيها حاكم لها غير مقهور فيها بخلاف ما قبلها فإن صاحبها محكوم عليه فيها ولذلك قد