للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٧٠٨ - حَسْبَمَا قَدْ كَانَ فِيهَا الشَّأْنُ … لِسَابِقِي الأُمَّةِ حَيْثُ كَانُوا

ملتزمه إنه خارج عن الطريقة ولا متكلف في التعبد لكن لما كان هذا الميدان لا يسرح فيه كل الناس قيد في التنزيل المدني حين فرضت الزكوات فصارت هي الواجبة انحتاما مقدرة ألا تتعدى إلى ما دونها وبقي ما سواها على حكم الخيرة فاتسع على المكلف مجال لإبقاء جوازا والإنفاق ندبا فمن مقل في إنفاقه ومن مكثر والجميع محمودون لأنهم لم يتعدوا حدود الله فلما كان الأمر على هذا استفسر المسؤول السائل ليجيبه عن مقتضى سؤاله ومنهم من لا ينتهي في الإنفاق إلى إنفاذ الجميع بل يبقى بيده ما تجب في مثله الزكاة حتى تجب عليه وهو مع ذلك موافق في القصد لمن لم يبق شيئا علما بأن في المال حقا سوى الزكاة وهو يتعين تحقيقا وإنما فيه الاجتهاد فلا يزال ناظرا في ذلك مجتهدا فيه ما بقي بيده منه شيء متحملا منه أمانة لا ينفك عنها إلا بنفاذه أو كالوكيل فيه لخلق الله سواء عليه أمد نفسه منه أم لا] (١).

وشأن أرباب الأحوال هؤلاء في الأمور الشرعية ماض على "حسبما قد كان فيها الشأن".

والحال "لسابقي" هذه "الأمة" من الصحابة "حيث كانوا"، وأينما حلوا ونزلوا، فقد كانوا آخذين بمقتضى التنزيل المكي على ما أدلهم إليه اجتهادهم، واحتياطهم، فسبقوا غاية السبق، حتى سموا السابقين بإطلاق ثم لما هاجروا إلى المدينة ولحقهم في ذلك السبق من شاء الله من الأنصار وكملت لهم بها شعب الإيمان ومكارم الأخلاق وصادفوا ذلك وقد رسخت في أصولها أقدامهم فكانت المتمات أسهل عليهم فصاروا بذلك نورا حتى نزل مدحهم والثناء عليهم في مواضع من كتاب الله ورفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أقدارهم وجعلهم في الدين أئمة فكانوا هم القدوة العظمى في أهل الشريعة ولم يتركوا بعد الهجرة ما كانوا عليه بل زادوا في الاجتهاد وأمعنوا في الانقياد لما حد لهم في المكي والمدني معا لم تزحزحهم الرخص المدنيات عن الأخذ بالعزائم المكيات ولا صدهم عن بذل المجهود في طاعة الله ما متعوا به من الأخذ بحظوظهم وهم منها في سعة ولله يختص برحمته من يشاء (٢).


(١) الموافقات ٤/ ١٧٤ - ١٧٥.
(٢) الموافقات ٤/ ١٧٣ - ١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>