للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٧٣٥ - وَذَاكَ رَاجِعٌ لِلانْتِفَاعِ … بِالاقْتِدَاءِ وَبِالاتِّبَاعِ

سرقت فاطمة بنت رسول الله لقطعت يدها) وكله ظاهر في المحافظة على مطابقة القول الفعل بالنسبة إليه وإلى قرابته، وأن الناس في أحكام الله سواء. والأدلة في هذا المعنى أكثر من أن تحصى. وقد ذم الشرع الفاعل بخلاف ما يقول، فقال: الله تعالى {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: ١٤٤] الآية وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (٣)} [الصف: ٢، ٣].

عن جعفر بن برقان قال: (سمعت ميمون بن مهران يقول: إن القاص المتكلم ينتظر المقت والمستمع ينتظر الرحمة) قلت: أرأيت قول الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢)} [الصف: ٢] الآية هو الرجل يقرظ نفسه فيقول فعلت كذا وكذا من الخير؟ أو هو الرجل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وإن كان فيه تقصير؟ فقال: كلاهما. فإن قيل: إن كان كما قلت تعذر القيام بالفتوى وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد قال العلماء إنه لا يلزم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يكون صاحبه مؤتمرا أو منتهيا، وإلا أدى ذلك إلى خرم الأصل، وقد مر أن كل تكملة أدت إلى انخرام الأصل المكمل غير معتبرة. فكذلك هنا، ومثله الانتصاب للفتوى. ومن الذي يوجد لا يزل ولا يضل ولا يخالف قوله فعله؟ ولا سيما في الأزمنة المتأخرة البعيدة عن زمان النبوة. نعم، لا إشكال في أن من طابق قوله فعله على الإطلاق هو المستحق للتقدم في هذه المراتب. وأما أن يقال إذا عدم ذلك لم يصح الانتصاب هذا مشكل جدا. فالجواب أن هذا السؤال غير وارد على القصد المقرر، لأنا إنما تكلمنا على صحة الانتصاب والانتفاع في الوقوع لا في الحكم الشرعي. فنحن نقول واجب على العالم المجتهد الانتصاب والفتوى على الإطلاق، طابق قوله فعله أم لا، لكن الانتفاع بفتواه لا يحصل ولا يطرد إن حصل) (١).

"و" بذلك فإن المراد - هنا - بعدم صحة فتواه "ذاك راجع لـ" سقوط وعدم "الانتفاع بالاقتداء" به" وبالاتباع" له لأن هذا الانتفاع إنما يكون لفتوى من وافق قوله، وفعله، وأما من كان على خلاف ذلك فإنه لا يبارك في قوله ولا في فعله، ولا ينتفع بما يصدر منه قال - تعالى -: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} [يُونس: ٨١].


(١) الموافقات ٤/ ١٨٤ - ١٨٥ - ١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>