للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٧٩٠ - فَذَاكَ فِي الشَّرْعِ بِحَيْثُ مَا بَدَا … لَيْسَ بِمُعْتَدٍّ بِهِ فِي الاقْتِدَا

" فذاك" الحمل مردود، وذلك القصد ملغى حكمه "في الشرع" الحكيم "بحيث مما بدا" أي في موضع ظهر ووجد إذ "ليس بـ" دليل "معتد به في" شأن إثبات "الاقتداء" به، وذلك لأمور:

أحدهما: أن تحسين الظن لا يقتضي الإلغاء لاحتمال قصد المقتدي به دون ما نواه المقتدي، وإسقاطه من غير دليل فالاحتمال الذي عينه المقتدي لا يتعين، وإذا لم يتعين لم يترجح إلا بالتشهي وذلك مهمل في الأمور الشرعية إذ لا ترجيح إلا بمرجح. ولا يقال: إن تحسين الظن مطلوب على العموم، فأولى أن يكون مطلوبا بالنسبة إلى من ثبتت عصمته لأنا نقول تحسين الظن بالمسلم - وإن ظهرت مخايل احتمال إساءة الظن فيه - مطلوب بلا شك، كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ} [الحجرات: ١٢] الآية وقوله: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا} الآية بل أمر الإنسان في هذا المعنى أن يقول ما لا يعلم - كما أمر باعتقاد ما لا يعلم - في قوله: {وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ} [النور: ١٢] وقوله: {إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور: ١٦] إلى غير ذلك مما في هذا المعنى ومع ذلك فلم يبن عليه حكم شرعي، ولا اعتبر في عدالة شاهد ولا في غير ذلك مجرد هذا التحسين، حتى تدل الأدلة الظاهرة المحصلة للعلم أو الظن الغالب. فإذا كان المكلف مأمورا بتحسين الظن بكل مسلم، ولم يكن كل مسلم عدلا بمجرد هذا التحسين حتى تحصل الخبرة أو التزكية دل على أن مجرد تحسين الظن بأمر لا يثبت ذلك الأمر، وإذا لم يثبته لم ينبن عليه حكم، وتحسين الظن بالأفعال من ذلك فلا ينبني عليها حكم. ومثاله كما إذا فعل المقتدى به فعلا يحتمل أن يكون دينيا تعبدي، أو يحتمل أن يكون دنيويا راجعا إلى مصالح الدنيا، ولا قرينة تدل على تعين أحد الاحتمالين، فيحمله هذا المقتدي على أن المقتدى به إنما قصد الوجه الديني بناء على تحسينه الظن به. والثاني أن تحسين الظن عمل قلبي من أعمال المكلف بالنسبة إلى المقتدى به مثلا، وهو مأمور به مطلقا وافق ما في نفس الأمر أو خالف؛ إذ لو كان يستلزم المطابقة علما أو ظنا لما أمر به مطلقا، بل بقيد الأدلة المفيدة لحصول الظن بما في نفس الأمر، وليس كذلك باتفاق، فلا يستلزم المطابقة. وإذا ثبت هذا فالاقتداء بناء على هذا التحسين بناء على عمل من أعمال نفسه، لا على أمر حصل لذلك المقتدي، لكنه قصد الاقتداء بناء على ما عند

<<  <  ج: ص:  >  >>