" فكل كلي له ترجيح" شرعي على الكلي المعارض له في موضوع ما، فإن "جزئيه" - أيضا - له ترجيح تبعا لكليه الذي "له" أي لهذا الجزئي "به" أي لكليه ذاك "تصحيح" ورجحان. فكل جزئي تابع لكليه راجحا كان أو مرجوحا، وذلك "كأمر" وشأن "الاستقبال" الوارد الأمر به في قوله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}[البَقَرَة: ١٤٤] مع معارضه "و" هو الأمر بإقام "الصلاة" الوارد في قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} وذلك "عند وقوع" وحصول "الجهل بالجهات" والتباس أمرها فإن الصلاة راجعة إلى كلية من الضرورية واستقبال القبلة راجع إلى كلية من التحسينيات على قول من قال بذلك. وكذلك يجري على هذا السبيل أمر المكلف الذي لا يجد ماء ولا متيمما، إذ هو بين أن يترك مقتضى:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} لمقتضى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}[المَائدة: ٦] إلى آخرها؛ أو يعكس، وتقرير الكلام في ذلك على نسق ووزان ما تقدم.
وإنما ترجح الجزئي برجحان كليه، لأن الجزئي خادم لكليه، وليس الكلي بموجود في الخارج إلا في الجزئي، فهو الحامل له، حتى إذا انخرم، انخرم الكلي، فهو إذا متضمن له، فلو رجح غيره من الجزئيات غير الداخلة معه في كلية للزم ترجيح ذلك الغير على الكلي، وقد فرضنا أن الكلي المفروض هو المقدم على الآخر، فلابد من تقديم جزئيه.
"و"هكذا - كما ترى - قد "انجر" في هذا الموضع ورود الكلام "في كلي هاذي الصورة" وإن كان الموضوع فيه هو تعارض الجزئيتين، وذلك لأن إيراد هذا الكلام على هذا الكلي هو "ما يفهم" أساس "الحكم به" الجاري هنا ووجهه "ضرورة" فلا يتوصل إلى فهمه والعلم به إلا بذلك، كما يتضح ذلك من الأمثلة، وما تقرر به الحكم فيها.
"رابعة" هذه الصور "تعارض الكلي مع" كلي "مثله" وكلاهما يجتمع مع الآخر "في نوعه الأصلي" فهما من نوع واحد.