للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٨٦١ - وَذا وَإِنْ كَانَ شَنِيعَ الظَّاهِرِ … فَهْوَ صَحِيحٌ بِاعْتِبَارِ الصَّادِرِ

٢٨٦٢ - مِنْ حَيْثُ الإِمْكَانِ بِهِ أَنْ يُجْمَعَا … بَيْنَهُمَا عَلَى اعْتِبَارَيْنِ مَعَا

٢٨٦٣ - وَذَاكَ كَالدُّنْيَا لَهَا وَصْفَانِ … فِي ظَاهِرِ الأَمْرِ هُمَا ضِدَّانِ

٢٨٦٤ - وَصْفٌ أَتَى فِي ذَمِّهَا تَحْقِيرَا … لِشَأْنِهَا مُقْتَضِيًا تَنْفِيرَا

٢٨٦٥ - وَالتَّرْكَ لِلْمَيْلِ وَالالْتِفَاتِ … لَهَا وَالاجْتِنَابَ فِي الْحَالَاتِ

" وذا" الحال الذي عليه هذه الصورة "وإن كان شنيع" أي فضيع وقبيح "الظاهر" وذلك لما ذكر فيه من تعارض الكلية الشرعية وهي لا تتعارض لأنها قطعيات ولا مدخل فيها للظن، وتعارض القطعيات محال في حقيقة الأمر، "و" لكن ذلك قد يقع في هذا الموضع بوجه ما "فهو" أي التعارض "صحيح باعتبار الصادر" أي الواقع وذلك "من حيث" جريان "الإمكان به" يعني فيه "أن يجمعا" - الألف للإطلاق - "بينهما" أي الكليين القطعيين "على اعتبارين معا" وبذلك لا يكون بينهما تعارض في حقيقة الأمر، فكل موضوع له اعتباران قد يقع فيه هذا الضرب من التعارض "وذاك كالدنيا" فإنها "لها وصفان" ورد في النصوص الشرعية وصفها بهما، "في ظاهر الأمر هما ضدان" متعارض مقتضاهما أحدهما "وصف أتى" لها في النصوص الشرعية وهو "في ذمها تحقيرا لشأنها" ولكل ما فيها، فكان لذلك "مقتضيا تنفيرا" منها.

"و" موجبا "الترك للميل والالتفات لها و" قاضيا بوجوب "الاجتناب" لها "في" كل "الحالات" التي قد تعرض فيها باعتبار أحوال المكلف، إذ لا جدوى فيها على كل حال. وهذا هو الوجه الأول من هذا الوصف الشرعي لها: ومما ورد فيه وصف الدنيا على هذا الوجه قوله - تعالى -: {أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ} [الحديد: ٢٠] الآية؛ فأخبر أنها لعب ولهو، مما لا نفع فيه إلا مجرد الحركات والسكنات التي لا طائل تحتها ولا فائدة وراءها. وقوله - تعالى -: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران: ١٨٥]، فحصر فائدتها في الغرور المذموم العاقبة وقوله - تعالى -: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ} [العنكبوت: ٦٤] وقوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ} إلى قوله: {ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [آل عمران: ١٤] وقال: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: ٤٦] إلى غير ذلك من الآيات. وكذلك الأحاديث في هذا المعنى، كقوله: "لو كانت الدنيا تزن عند

<<  <  ج: ص:  >  >>