للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٨٨١ - حَسْبَمَا يَبْدُوا مِنَ الآيَاتِ … وَمِنْ هُنَا طَلَبُ الالْتِفَاتِ

٢٨٨٢ - وَانْظُرْ إِلَى مَا جَاءَ فِي الأنْهَارِ … تَجِدْهُ مَبْثُوثًا بِهَاذِي الدَّارِ

٢٨٨٣ - وَإِنَّ فِي النَّحْلِ لَآيٍ شَاهِدَة … لَهُ عَلَى مَسَاقِ ذَاكَ وَارِدَهْ

٢٨٨٤ - إِذَنْ فَقَدْ بَدَا مِنَ الْوَصْفَيْنِ … كَوْنُهُمَا فِي شَأْنِهَا ضِدَّيْنِ

٢٨٨٥ - وَالشَّرْعُ مَأْمُونٌ مِنِ اخْتِلَافِ … مُبَرَّأٌ مِنْ حَالَةِ التَّنَافِي

وذلك "حسبما يبدوا" ويظهر "من الآيات" الدالة على ذلك، وقد تقدم ذكرها. فالدنيا مرآة يرى فيها الحق في كل ما هو حق، وهذا لا تنفصل الدنيا فيه من الآخرة، بل هو في الدنيا لا يفنى، لأنها إذا كانت موضوعة لأمر وهو العمل الذي تعطيه، فذلك الأمر موجود فيها تحقيقه، وهو لا يفنى وإن فني منها ما يظهر للحس، وذلك المعنى ينتقل إلى الآخرة فتكون هنالك نعيما. فالحاصل أن ما بث فيها من النعم التي وضعت عنوانا عليه - كجعل اللفظ دليلا على المعنى - باق وإن فني العنوان (١).

"ومن هنا" يعلم حصول "طلب" الشارع "الالتفات" إلى الدنيا، والميل إليها "وانظر

إلى ما جاء في "وصف "الأنهار" في الجنة، وهو قوله - تعالى - كما تقدم ذكره -: {فِيهَا

أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى} [محمد: ١٥] الآية، "تجده" شيئا "مبثوثا" منشورا "بها ذي الدار" الدنيا وهذا معلوم "وإنـ" ـه

وارد في الكتاب العزيز كما "في" سورة "النحل" فإن فيه "الآي" التي هي دالة على هذا

و"شاهدة له" وهي "على مساق ذاك" الذي تقدم ذكره من نعيم الآخرة "واردة" وتلك الآية

هي قوله: {وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [النحل: ٦٥] إلى أن قال: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا} [النحل: ٦٨] إلى قوله: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النحل: ٦٩]

وبناء على هذا كله "إذن فقد بدا" وظهر "من هذا الوصفين" المذكورين "كونهما" يعني كون مقتضيهما "في" أمر هذه الدنيا و"شأنهما ضدين" متعارضين مفادهما التناقض في الحكم عليها.

"و" قد علم على قطع أن "الشرع" وكل ما يشتمل عليه من أحكام ومقتضيات "مأمون" معصوم لا "من اختلاف" بين أحكامه كما أنه "مبرأ من حمالة التنافي" والتعارض بين مضامينه


(١) الموافقات ٤/ ٢٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>