للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٨٨٦ - فَلَزِمَ اعْتِبَارُنَا الأمْرَيْنِ … مِنْ جِهَتَيْنِ أَوْ بِحَالَتَيْنِ مُتَبَايِنَتَيْنِ

٢٨٨٧ - فَالذَّمُّ بِالْتِفَاتِهَا مُجَرَّدَهْ … مِنْ كُلِّ وَجْهٍ مُقْتَضٍ لِمَحْمَدَهْ

٢٨٨٨ - غَيْرَ مُوَالَاةِ التَّمَتُّعَاتِ … لِرَاحَةِ النُّفُوسِ وَاللَّذَّاتِ

٢٨٨٩ - فَهْيَ لِذَا لَهْوٌ بِغَيْرِ حلِّ … وَبَاطِلٌ مُسْتَوْجِبٌ لِلْبُعْدِ

٢٨٩٠ - وَالْمَدْحُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ مَا بَدَا … مِنْ حَالِهَا دَاعٍ إِلَى سُبْلِ الهُدَى

وما قرر فيه من أمر. وإذا تقرر هذا "فـ" قد "لزم" ووجب شرعا وعقلا "اعتبارنا" وتوجيهنا "الأمرين" ومقتضي الوصفين "من جهتين" مختلفتين "أو بحالتين متباينتين" يدفع بهما هذا التعارض المتوهم ويدرؤ بهما. وهذا أمر يتوصل إليه بأن يقال: إن للدنيا نظرين. أحدهما: أن ينظر لهما نظرا لا حكمة فيه ولا اعتبار بما وضعت له من كونها متعرفا للحق، ومستحقا لشكر الواضع، وهذا هو الوجه الكريه لها، "فالذم" لها إذن إنما يكون "بالتفاتها" يعني بالالتفات إليها وأخذها "مجردة" منزوعة "من كل وجه" نظري أو نفعي معتبر في معيار الشرع "مقتض" وموجب "لمحمدة" أو جزاء بخير فيها أو في الآخرة، بل من كان طائل "غير موالاة" ومناصرة الشهوات و"التمتعات" بها طلبا "لراحة النفوس و" رغبة في نيل "اللذات" البهيمية انتظاما في سلك البهائم، وبذلك "فهي" أي الدنيا "لذا" الأمر ومن هذه الجهة "لهو" ولعب "بغير حل" بلا جد "وباطل" كريه "مستوجب للبعد" لها، وعدم الالتفات إليه، كما أنها كذلك قشر بلا لب، لأن صاحب هذا النظر لم ينل منها إلا مأكولا أو مشروبا أو منكوحا من غير زائد، ثم يزول عن قريب، فلا يبقى منه شيء. فذلك كأضغاث الأحلام، فكل ما وصفته الشريعة فيها على هذا الوجه حق، وهو نظر الكفار الذين لم يبصروا منها إلا ما قال الله - تعالى - من أنها لعب ولهو وزينة وغير ذلك مما وصفها به، ولذلك صارت أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمئان ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا. وفي الآية الأخرى {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (٢٣)} [الفرقان: ٢٣].

هذا هو الاعتبار والنظر الذي إذا أجري على الدنيا ذمت.

"و" أما "المدح" لها فإنه يكون "بـ" النظر الثاني لها وهو "اعتبار أن ما بدا" وظهر "من حالها" من الآيات والبراهين الدالة على وحدانية الله - تعالى - وربوبيته وألوهيته وما جرى مجرى ذلك هو أمر "داع" وهاد بلسان حاله "إلى سبل" وطرق "الهدا" والرشاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>