ثم ذكر الرتبة الثالثة فقال:"ثالثه" بالنكرة كما في قوله ثانية ووجه هذه كوجه تلك في الإعراب والإيضاح وقد تقدم ذكره - على ما يظهر - وهذه الرتبة هي رتبة خالصة "لمن حصول علمه" وقيامه به "قد صار وصفا ثابتا" له، وكان علمه بمثابة الأمور البديهية "كفهمه" الذي يحصل له في المعقولات الضرورية الأول - ككون الواحد نصف الاثنين، والكل أكبر من جزئه "وراسخ العلم" يعني العلم الراسخ فقوله: راسخ العلم هو من باب إضافة الصفة للموصوف الذي ثبت "لهولاء ليس يخليهم" أي يتركهم "مع الأهواء" ورغبات النفوس ورعوناتها، إذا تبين لهم الحق "فيرجعون دائما إليه" إلى حكمه ومقتضاه وإرشاده رجوعا مثل "رجوعهم" إلى "ما جبلوا عليه" من الأمور الفطرية ودواعيهم البشرية وأوصافهم الخلقية. "وهذه الرتبة مستقلة" بحمل أهلها على العمل وحدها، فهي لا يحتاج معها إلى مقو زائد في ذلك؛ وهذا الأمر ثابت "بمقتضى" وحكم "قواطع الأدلة" يعني الأدلة القاطعة فقواطع الأدلة من باب إضافة الصفة للموصوف "وأهلها" أي هذه المرتبة "في العلم راسخون" ثابتون "و" لذلك "هم به" أي بالعلم "إذ ذاك" يعني إذ كانوا فيه راسخين "محفوظون" من المخالفة لأوامر الشارع ونواهيه، "إذ هم" إذ تعليلية أي لأجل كونهم "من الشهود بالتوحيد" أي بتوحيده - سبحانه وتعالى - قال عز وجل:"شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو ""والمقتضى" والحكم الثابت هو"عدالة الشهود" فلا يصف الشارع بالشهادة إلا من كان عدلا "ولا يقال" يعني لا يصح أن يقال "إن أهل العلم" غير محفوظين من المخالفة، وذلك لأنهم "قد يقعون في ارتكاب الاثم" إذ المعصومون