" ومنه" ما يجري مثالا في هذا القسم - قسم الملح: ما يبحث عنه ويطلب "بالقصد إلى" كسب "التأنق" وتحصيله والتأنق: تتبع المحاسن - "في أخذ" واستخراج "ما يحمله" ويرويه من الأحاديث "من طرق" كثيرة "يقصد باستخراجها" على تلك الصورة "التكاثر" أي المغالبة بالكثرة والاستكثار "في طرق" الحديث "المروي لا" أنه يقصد بذلك تحصيله وروايته على درجة "التواتر" بل على أن يعد آخذا له عن شيوخ كثيرين ومن جهات شتى، والاشتغال بهذا من الملح لا من حلب العلم. خرج أبو عمر بن عبد البر عن حمزة بن محمد الكناني قال:
خرجت حديثا واحدا عن النبي صلى الله عليه وسلم من مائتي طريق أو من نحو مائتي طريق - شك الراوي - قال فداخلني من ذلك من الفرح غير قليل وأعجبت بذلك، فرأيت يحيى بن معين في المنام فقلت له: يا أبا زكرياء، قد خرجت حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم من مائتي طريق، قال فسكت عني ساعة، ثم قال: أخشى أن يدخل هذا تحت {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١)}، هذا ما قال. وهو صحيح في الاعتبار لأن تخريجه من طرق يسيرة كاف في المقصود منه فصار الزائد على ذلك فضلا.
"ومنه" أي ما يجري مثالا في هذا القسم - وهذا هو المثال الرابع - "أخذ العلم في أحكام" يعني بأحكام - فالباء هنا بمعنى في - معينة "من المرائي" هكذا في النسخ التي بأيدينا، ولعله يريد به مراء جمع مرئي ويعني به ما يراه النائم في نومه. ثم يقول "حالة المنام" وكثير من الناس يستدلون على المسائل العلمية بالمنامات، وما يتلقى منها تصريحا والمسائل العلمية المبنية على ذلك لا مبالاة بها عند أهل العلم "إذ أصلها" الذي هو الرؤيا "ليس" في الشريعة "بذي اعتبار" في شأن المسائل العلمية على الإطلاق، بل ليس معتبرا "فيما" يؤخذ من الشرع من فوائد "سوى التبشير" بأمر يسر "والإنذار"