للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٥٩ - وَقَاصِدٌ ذَا مُهْتَدٍ فِي قَصْدِهْ … وَعَامِلٌ لِلَّهِ فِي تَعَبُّدِهْ

٤٦٠ - وَالاِبْتِلَاءُ مِنْهُ لِلْعُقُولِ … مِنْ حَيْثُ مَا تَنْظُرُ فِي المَعْقُولِ

٤٦١ - وَمِنْهُ لِلنُّفُوسِ مِنْ حَيثُ النَّظَرْ … لِحَاكِمِ الشَّرْعِ وَمَحْتُومِ القَدَرْ

٤٦٢ - وَكَمْ لَدَى الكِتَابِ مِنْ أَدِلَّهْ … فِي مَعْنَى الاِبْتِلَاءِ مُسْتَقِلَّهْ

سوى ذلك "وقاصد" معتقد "ذا" هذا الأمر "وقاصد" له من اكتساب السبب والإتيان به "مهتد" إلى الحق "في مفصده" هذا "و" هو "عامل لـ" وجه "الله" تعالى "في تعبده" بذلك، وتقربه إليه - سبحانه - بذلك.

"و" هذا الابتلاء الحاصل "منه" أي وضع الأسباب والمسببات هو على وجهين، فمنه ما وضع "لـ" ابتلاء "العقول" وذلك العالم كله، وكذلك "من حيث" أي من جهة "ما تنظر في" أحواله وأحكامه من "المعقول" أي المدرك بالعقول من آيات وبراهين دالة على علوم ومعارف، ومن صنعة الإلهية يستدل بها على ما وراءها من صفات القدرة والعلم والإرادة الإلهية وغير ذلك. هذا هو الوجه الأول.

"ومنه" أي من الأسباب والمسببات ما وضع "لـ" ابتلاء "النفوس" وهو العالم كله - أيضًا - لكن لا من حيث النظر العقلي الذي مضى ذكره، بل "من حيث" أي من جهة "النظر" في هذا العالم من حيث هو موصل المنافع والمضار إلى العباد، ومن حيث هو مسخر لهم ومنقاد لما يريدون فيه، لتظهر تصاريفهم تحت حكم القضاء والقدر، ولتجري أعمالهم خاضعة "لحاكم الشرع" يعني لحكم الشرع. وقد يكون معناه "للشرع الحاكم"، فيكون من باب إضافة الصفة للموصوف، وقد يكون من باب إضافة الاسم لما به اتحد، فيكون معناه: "للشرع الذي هو الحاكم" ولا يخفى ما فيه. عبارة الشاطبي: "ولتجري أعمالهم تحت حكم الشرع ليسعد بها من سعد ويشقى من شقي وليظهر مقتضى العلم السابق" (١) "ومحتوم القدر" يعني القدر المحتوم الذي لا مرد له، فإن الله غني عن العالمين، ومنزه عن الافتقار في صنع ما يصنع إلى الأسباب والوسائط لكن وضعها للعباد ليبتليهم فيها "وكم لدى" أي في "الكتاب "المكنون - القرآن - "من أدلة" وردت "في" يعني على "معنى الابتلاء" هذا وأن الأسباب إنما وضعت للابتلاء، وتلك الأدلة "مستقلة" لبيان هذا المعنى، ومخصوصة له. ومن ذلك قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ


(١) الموافقات ١/ ١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>