للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بمنعهما مطلقا. وهو المطلوب.

والثاني: أنا لو أعملنا السبب هنا، مع العلم بأن المصلحة لا تنشأ عن ذلك السبب ولا توجد به، لكان ذلك نقضا لقصد الشارع في شرع الحكم؛ لأن التسبب هنا يصير عبثا، والعبث لا يشرع، بناء على القول بالمصالح، فلا فرق بين هذا وبين القسم الأول، وهذا هو معنى كلام القرافي.

والثالث: أن جواز ما أجيز من تلك المسائل، إنما هو باعتبار وجود الحكمة؛ فإن انتفاء المشقة بالنسبة إلى الملك المترفه غير متحقق، بل الظن بوجودها غالب؛ غير أن المشقة تختلف باختلاف الناس ولا تنضبط، فنصب الشارع المظنة في موضع الحكمة، ضبطا للقوانين الشرعية؛ كما جعل التقاء الختانين ضابطا لمسبباته المعلومة، وإن لم يكن الماء عنه؛ لأنه مظنته، وجعل الاحتلام مظنة حصول العقل القابل للتكليف؛ لأنه غير منضبط في نفسه، إلى أشياء من ذلك كثيرة، وأما إبدال الدرهم بمثله، فالمماثلة من كل وجه قد لا تتصور عقلا؛ فإنه ما من متماثلين إلا وبينهما افتراق ولو في تعيينهما، كما أنه ما من مختلفين إلا وبينهما مشابهة ولو في نفي ما سواهما عنهما، ولو فرض التماثل من كل وجه فهو نادر، ولا يعتد بمثله أن يكون معتبرا، والغالب المطرد اختلاف الدرهمين أو الدينارين ولو بجهة الكسب، فأطلق الجواز لذلك، وإذا كان ذلك كذلك، فلا دليل في هذه المسألة على مسائلنا (١).

حاصل القول: أن التوسل بالسبب الشرعي إلى كسب مسببه إذا كان لا يمنع، يسقط شرعا إلا في المحل الذي لا يقبل الحكمة المقصودة شرعا من وضع ذلك السبب، فإن النكاح والشراء المتوسل بهما في مسألتي التعليق المذكورتين لم تسقط شرعيتها، فصحة ما بني عليهما تابثة، والجواز الشرعي ماض في التوسل بهما إلى مسببيهما المذكورين: ثبوت العصمة، والملك، وإن كان ما يترتب عليهما - من الطلاق والعتق - مخالفا لما قصد شرعا من وضعهما. أي السببين.

وأما إن كان التسبب بالسبب الشرعي إلى مسببه يسقطه، ويرفعه عدم وجود الحكمة المقصودة من وضع ذلك السبب لهذا المسبب، سواء كان ذلك من جهة عدم قبول


(١) الموافقات ١/ ١٨٥ إلى ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>