للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كما أنه قد اضطر فيها إلى التصرف في أفعال بالإتيان بها على صيغ غير واردة فيها - على ما رأيت - ومن ذلك لفظة (تقسمت) الوارد في قوله:

ثم المشتقات لدنيوية … تقسمت بعد وأخروية

والمعروف هو "انقسم" من قولك قسم فلان الشيء فانقسم. ومنه - أيضا - لفظة "يتّذى" الواردة في قوله:

فليس للشارع قصد في بقا … ما يتذى من وقعه أو يتقى

والمعروف إنما هو "يتأذى" بالضم، إذا بنيت يتأذى - بفتح الياء - للمفعول.

ومنه لفظة "التصريف" الواردة في قوله:

إذ قصده الإخراج بالتكليف … عن داعيات النفس في التصريف

والمعروف في المعنى المقصود به لفظ التصريف هنا هو "التصرف".

وقد استعمل هذه اللفظة مكررا لها.

نعم قد تكون هذه الألفاظ ثابتة عنده لغة من حيث النقل. أو من جهة النحو، فتكون جارية على سنن الصواب، ولكنه أمر لسنا على بصيرة به، فلذلك نظمناها في سلك ما فيه نظر وبحث وعليه اعتراض.

وأما ما وعد به من تقريب (الموافقات) للقارئ وتبسيطه له فإنه - على ما يظهر من تصرفاته في هذا النظم - قد توسل إليه مما يراه وسيلة إلى ذلك، وهو الترتيب للكلام على وجه يتضح به المراد منه، وحذف الاعتراضات والإيرادات، والاكتفاء بالإشارة إلى ورود الأدلة في الموضع الذي كلامه فيه، بيد أن هذا لا يبلغ مرتبة البيان الذي ينحل به ما انعقد من كلام المصنف، ويفتح به ما انغلق منه، ويظهر به ما انطوى فيه من فوائد معرفية، عميقة في أحوال النفوس والقلوب.

وعلى هذا فنظمه - رحمه الله تعالى - نظم سائغ شرابه، حلو مذاقه، جميل نسجه، لا ينكر ذلك إلا معاند يكابر الحقائق، ويجحدها، وأما ما فيه من أمور قد تعد حشوا، وغامض الكلام فإنه لا يرجع عليها بأي ثلب مؤثر في قيمته البيانية والعلمية، لما تقدم من أن المنظومات العلمية لا تخلو من مثل هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>