للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٩٣٠ - وَمُقْتَضَاهُ مُشْعِرٌ بِالْعَبْدِ … وَأَصْلُهُ التَّنْبِيهُ قَبْلَ الْقَصْدِ

٩٣١ - وَفِي نِدَاءِ الْعَبْدِ لِلَّهِ فَلَا … يُوْتَى بِيَا وَلَفْظُ رَبٍّ أقْبَلَا

٩٣٢ - فَالْحَذْفُ مُشْعِرٌ بِقُرْبِ مَنْ دُعِي … وَالرَّبُّ مُوذِنٌ بِنَيْلِ الطَّمَعِ

٩٣٣ - وَمِنْهُ بِالتَّرْكِ لِمَا يُنَزَّهُ … عَنْهُ الَّذِي لَهُ بِهِ التَّوَجُّهُ

آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ} [العَنكبوت: ٥٦] وقوله - سبحانه -: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ} [الزمَر: ٥٣] وقوله - عز وجل -: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعرَاف: ١٥٨].

"و" هذا "مقتضاه" وموجبه "مشعر بالعبد" لأن العبد الأصل فيه الغفلة فهو يحتاج على كل حال إلى التنبيه "وأصله" أي حرف النداء "التنبيه قبل" ذكر "القصد" أي الكلام المقصود تبليغه للمخاطب.

"و" أما "في نداء العبد لله" يعني في دعاء العبد لله تعالى"فـ" إنه "لا يوتي بيا" بل تحذف "ولفظ رب" بالتنوين المشعر بالتنوع في الصيغة، نحو "ربنا" "ورب "اقبلا" - الألف للتوكيد - واعتمده سبيلا في هذا الشأن فإنه الوارد شرعا كما في قوله - تعالى -: {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} [الكهف: ١٥] وقوله سبحانه: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ} [القَصَص: ١٦] "فالحذف" لياء النداء في هذا المقام "مشعر بقرب من ادعى" وهو الله سبحانه وتعالى وقد اختير لفظ "الرب" في هذا الموضع، لأنه "موذن" أي معلم من أذانه إذا أعلمه "بنيل" أي إدراك ما تعلق به "الطمع" والرجاء.

قال الشاطبي: "إن نداء العبد للرب نداء رغبة وطلب لما يصلح شأنه فأتى في النداء القرآني بلفظ الرب في عامة الأمر، تنبيها وتعليما لأن يأتي العبد في دعائه بالاسم المقتضى للحال المدعو بها. وذلك أن الرب في اللغة هو القائم بما يصلح المربوب" (١).

"ومنه " أي ما يتمثل به في الشأن هذا - وهو المثال الرابع - ما يكون تحصيل الآداب الشرعية فيه "بالترك لما ينزه" أي يبعد ويتعالى "عنه الذي له" سبحانه "به" بذلك "التوجه" والقصد.


(١) الموافقات ٢ - ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>