" وذاك" المعنى هو "ضبط أوجه" وسبل "المصالح" أي مصالح الخلق، إذ لو ترك الناس والنظر في هذا الشأن لانتشر ذلك النظر، ولم ينضبط، وتعذر الرجوع إلى أصل شرعي، والضبط أقرب إلى الانقياد ما وجد إليه سبيل فجعل الشارع للحدود مقادير معلومة، وأسباب معلومة لا تتعدى، كالثمانين في القذف، والمائة وتغريب العام في الزنا على غير إحصان، وخص قطع اليد بالكوع في السرقة وفي النصاب المعين، وجعل مغيب الحشفة حدا في أحكام كثيرة، وكذلك الأشهر والقروء في العدد، والنصاب والحول في الزكوات.
وهذا - الأمر - وهو القصد الشرعي إلى ضبط مصالح الخلق "يعد أصلا" ثابثا حكمه "بالدليل الواضح" البين وهو الاستقراء لأحوال هذه العوائد، وما يقتضيه كونها على هذه الحال من مصلحة، والواقع يشهد على هذا على وضوح.
هذا شأن ما يتأتى جريان هذا الأصل - وهو الضبط المذكور فيه.
"و" أما "ما يرى" أي يبصر ويعلم أنه "بـ" جريان "الانضباط" فيه "لا يفي" يعني لا يليق، وذلك لتعلقه بأسباب وموجبات وأحوال مختلفة أحكامها وشروط لا يطلع على ثبوتها في حقيقة الأمر إلا المكلف بها، فإنه قد "ردّ" أمره "إلى أمانة المكلف" فعليها الاعتماد في ذلك.
"و" هذا الذي يسمى بالأمانة هو الذي "عنه قد عبر بالسرائر" جمع سريرة، وهو في اللغة عمل السر من خير أو شر، - والمراد بها هنا - ما كُنّ وستر في ضمائر الخلق من مقاصد، ومعلومات.
وإنما كان هذا المصنف من التكاليف على هذه الصورة "إن كان" يعني لأجل كونه "لم يرجع" بناؤه "لأصل" شرعي، كسبب عام أو مقدار معلوم "ظاهر" كظهور الأسباب والمقادير السابق ذكرها فيما هو منضبط.