للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٣٣٥ - كَشَارِبِ الْجُلَّابِ أَوْ لِلسُّكَّرِ … مُعْتَقِدًا فِيهِ لِشُرْبِ الْمُسْكِرِ

١٣٣٦ - وَإِنْ يَكُنْ يَعْلَمُ بِالْوِفَاقِ … فَذَا الذِي يُلْحَقُ بِالنِّفَاقِ

١٣٣٧ - لِجَعْلِهِ مَقَاصِدَ الشَّرِيعَهْ … لِغَيْرِ مَقْصُودٍ لَهَا ذَرِيعَهْ

يعني الخلاف للشرع العامَّ الذي يشتمل الخلاف في القصد والخلاف في العمل.

مثاله هذا الذي فيه مخالفة في القصد دون العمل واطئ زوجته ظانا أنها أجنبية، و"كشارب الجلاب" - بضم الجيم -: ماء الورد "أو "شارب "للسَّكَر" - بفتح السين والكاف -: شراب يتخذ من التمر والكشوت "معتقدا" أي قاصدا وناويا "فيه" أي من شربه "لشرب المسكر" وإن لم يكن هو في حقيقة الأمر مسكرا. وقوله "للسَّكر" - بفتح السين - من زياداته، وفي التمثيل به نظر، إذا فسر بالخمر، وهو المعنى المشهور فيه المعلوم، لكنه فسر بالعصير قبل أن يتخمر - ومن أمثلة هذا الضرب - كذلك تارك الصلاة يعتقد أنها باقية في ذمته، وكان قد أوقعها وبرئ منها في نفس الأمر. ويحكي الأصوليون في هذا النحو الاتفاق على العصيان في مسألة من أخر الصلاة مع ظن الموت قبل الفعل. وهذا الضرب يمتاز عن هذا الضرب الثاني الآتي بعده بأنه لم تحصل فيه مفسدة النهي، لأنه إنما نهي عن ذلك كله لأجل ما ينشأ عنه من المفاسد، فإذا لم يوجد هذا لم يكن مثل من فعله فصحت المفسدة، فشارب الجلاب لم يذهب عقله، وواطئ زوجته المذكور لم يختلط نسب من خلق من مائه، ولا تلحق المرأة بسبب هذا الوطء معرة.

و تارك الصلاة لم تفته مصلحة الصلاة، وكذلك سائر المسائل المندرجة تحت هذا الأصل. هذا - بايجاز - شأن هذا الضرب.

"و" أما الضرب الثاني وهو ما جاء على عكس ما تقدم ويحصل ذلك "أن يكن" ذلك العامل "يعلم بالوفاق" الحاصل بينه وبين الشارع في ذلك، إلا أنه يقصد المخالفة له "فذا" الشخص هو "الذي" في هذا الشأن "يلحق بـ" أرباب "النفاق" وذلك "لجعله مقاصد الشريعة" أي موضوعاتها من أمور عبادية وغيرها "لـ" تحصيل وإدراك أمر "غير مقصود لها" يعني غير مقصود بها، إدراكه وتحصيل "ذريعة" ووسيلة. مثاله أن يصلي رياء لينال دنيا، أو تعظيما عند الناس، وما أشبه ذلك من الأمور الشرعية مقاصد لها، فيدخل تحت ذلك النفاق والرياء والحيل على أحكام الله - تعالى - وذلك كله باطل، لأن القصد مخالف لقصد الشارع عينا، فلا يصح جملة. وقد قال الله - تعالى -: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>