قال الشاطبي:"ولا أظن هذا القسم واقعا لأن الحرج وتكليف ما لا يطاق مرفوع، ومثل هذا التزاحم في العادات غير واقع (١).
"فإن يكن" غير مخل بتلك المصلحة - المصلحة الأخروية - ولكنه "يخل بالكمال" كمال هذه المصلحة "فـ" إن "ذاك" لا يقتضي ترك القيام بتلك المصلحة فإنه "مغفور". يعني مغتفرا ملغى اعتباره "بكل حال" وذلك "من حيث ان" هذا ليس إلَّا من باب إسقاط المندوبات و "جانب المندوب" في الحكم الشرعي "غير معارض" شرعا "لـ" - لأمر ولجانب - "ذي الوجوب" فالمندوبات لا تعارض الواجبات، لتقديم الواجبات على المندوبات في كل الأحوال، وعلى الإطلاق، كالخطرات الناشئة عن ذلك الشغل العام تخطر على قلبه وتعارضه وهو في العبادة، حتى يحكم فيها بقلبه، وينظر فيها، وذلك الحضور يحصل بالغلبة. وقد نقل عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - نحو هذا من تجهيز الجيش وهو في الصلاة ومن نحو هذا قوله - عليه الصلاة والسلام -: "أني لأسمع بكاء الصبي في الصلاة فأتجوز فيها".
"و" أما من "حيث ما" - زائدة - يكون "الدخول" في القيام بتلك المصلحة العامة والسعى في تحصيلها "لم يبد" ولم يظهر "الخلل" المذكور مترتبا "عنه ولا النقص" المذكور "به أيضًا" يعني بسببه "حصل" ووقع و "لكنه شيء" أي ولكن ذلك الخلل والنقص أمر "له توقع" وترقب، "فإنه" أي هذا الموضع "للاجتهاد" والنظر "موضع" ومحل لما تعارض فيه من جهة المصلحة العامة، وجهة المفسدة المذكورة المتوقعة التي قد تعتبر كالمفسدة المحقق وقوعها. مثال ذلك العالم يعتزل الناس خوفا من الرياء والعجب وحب الرياسة، وكذلك السلطان أو الوالي العدل الذي يصلح لإقامة تلك الوظائف والمجاهد إذا قعد عن الجهاد خوفا من قصده طلب الدنيا به أو