المسلمة "و" بذلك يعلم "أنه" المذهب "الذي عليه المعتمد" أي الاعتماد "فيما" يعني في معرفة الضابط الذي "يرى" - بضم الياء - من أراه الشيء إذا أبصره به ودله عليه -.
"العلم بما" أي بالذي "الشرع" قد "قصد" ـه في أحكامه. ومعنى كون هذا المذهب هو العمدة في معرفة هذا الضابط أن المضي على مقتضاه - أي المذهب - والعمل به يرشد إلى هذا الضابط، ويبصر به، وهذا الضابط هو أن قصد الشارع قد يعرف من طريق اللفظ في مواضع كما أنه قد يُعرف من طريق المعنى في مواضع أخرى. "و" بذلك فإن "قصده" أي الشارع "يعرف" ويدرك "من مسالك" محددة مضبوطة "أعلامها" ومعالمها التى تدل على أنها موصلة لذلك - القصد الشرعي - "واضحة" بيّنة "للسالك" يعني لسالكها. وَسميت مسالك باعتبار أنها موصلة لذلك، وهي في حقيقة الأمر أدلة وأمارات شرعية تدل على ذلك القصد وتبينه بمضمونها ومقتضاها وهي - كما تقدّم - مسالك معينة مضبوطة:"أولها" أي هذه المسالك "مجرد الأوامر" فإن الأمر معلوم أنه إنما كان أمرا لاقتضائه الفعل، فوقوع الفعل عند وجود الأمر مقصود للشارع.
"أو "بمعنى الواو يعني وكذلك مجرد "النواهي" إذ من المعلوم أن النهي مقتض لنفي الفعل أو الكف عنه، فعدم وقوعه مقصود للشارع، وإيقاعه مخالف لمقصوده، كما أن عدم إيقاع المأمور به مخالف لمقصوده. هذا كله إذا كانت تلك الأوامر أو النواهي قد حصلت "بابتداء" يعني مع وجود ابتداء في صفة تشريعها "ظاهر" أي بين، وذلك بأن يكون مقتضاها مقصودا لذاته ابتداءً.
"و" كذلك "مع" وجود "تصريح بذاك" الأمر أو النهي "مغن" كاف في الدلالة على أنهما مصرح بهما. وقوله "مغن" أتى به لتتميم البيت إذ معناه مستغنى عنه بما تقدم.
"و" إنما اشترط ما تقدم ذكره من الابتداء في ذلك "تحرزا من "أمر أو نهي "تابع" ومؤكد لحكم أمر أو نهي آخر، كما في قوله تعالى:{فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}