للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٤٨٢ - وَالْمَسْلَكُ الثَّانِي اعْتِبَارُ الْعِلَلِ … فِي الأمْرِ وَالنَّهْيِ بِحَيْثُ يَنْجَلِي

١٤٨٣ - فَإِنْ تَكُ الْعِلَّةُ مِمَّا عُلِمَا … بِمَا لَدَى عِلْمِ الأُصُولِ يُمِّمَا

١٤٨٤ - اتُّبِعَتْ فَحَيْثُ مَا قَدْ وُجِدَتْ … فَمُقْتَضَى الأمْرِ أَوِ النَّهْيِ ثَبَتْ

[الجُمُعَة: ٩] فإن النهي عن البيع ليس نهيا مبتدأ، بل هو تأكيد للأمر بالسعي، فهو من النهي المقصود بالقصد الثاني فالبيع ليس منهيا عنه بالقصد الأول كما نهي عن الربا - والزنى مثلا -، بل نهي عنه لتعطيل السعي عند الاشتغال به وما شأنه هذا ففي فهم قصد الشارع من مجرده نظر واختلاف منشؤه من أصل المسألة المترجمة "بالصلاة في الدار المغصوبة" "و" ما تقدم ذكره من التصريح في ذلك تحرزا من أمر أو نهي "ضمني" غير مصرح به كالنهي عن أضداد المأمور به الذي تضمنه الأمر والأمر الذي تضمنه النهي عن الشيء فإن النهي والأمر ههنا إن قيل بهما فهما بالقصد الثاني لا بالقصد الأول إذ مجراهما عند القائل بهما مجرى التأكيد للأمر أو النهي المصرح به، فأما إن قيل بالنفي فلأمر أوضح في عدم القصد وكذلك الأمر بما لا يتم المأمور إلَّا به المذكور في مسألة ما لا يتم الواجب إلَّا به فدلالة الأمر والنهي في هذا على مقصود الشارع متنازع فيه فليس داخلا فيما نحن فيه ولذلك قيد الأمر والنهي بالتصريحي (١).

هذا هو المسلك الأول. "و" أما "المسلك الثاني" فهو "اعتبار العلل" الشرعية الفقهية "في الأمر والنهي" والبحث عن موجب الأمر والنهي، فيقال لماذا أمر بهذا ولماذا نهي عن هذا الآخر؟ وذلك "بحيث" أي في المواضع الذي "ينجلي" فيه ذلك ويظهر، وذلك أن العلة إما أن تكون معلومة أو لا، "فإن تك العلة مما علما" أي يعلم ويدرك ثبوت ووجودها "بـ" واسطة "ما لدى" يذكر ويورد في "علم الأصول" من مسالك، فإنه "يمما" يعني ييمم، أي يقصد ويصار إلى الأخذ به، فإذا ثبت به "اتبعت" وعمل بمقتضاها "فحيث ما" أي ففي أي موضع "قد وجدت" العلة فيه "فـ" إنه قد استقر فيه "مقتضى الأمر أو النهي" من القصد وعدمه و"ثبت"، كالنكاح لمصلحة التناسل، والبيع لمصلحة الانتفاع بالمعقود عليه، والحدود لمصلحة الازدجار.

فهذه المواطن كلها قد علم فيها القصد الشرعي بمعرفة علل الأحكام فيها.


(١) الموافقات ٢ ص ٢٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>