للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٤٩٤ - لِذَاكَ مَالِكٌ لَهُ تَوَسُّعٌ … فِيمَا إِلَى الْعَادَاتِ حُكْمًا يَرْجِعُ

١٤٩٥ - فَأَصْلُ الاِسْتِحْسَانِ فِيهَا أَعْمَلَهْ … مِثْلَ الْمَصَالِحِ وَأَعْنِي الْمُرْسَلَهْ

١٤٩٦ - وَذَا بِعَكْسِ مَالَهُ مَعْهُودُ … فِيمَا بِهِ تَعَبُّدٌ مَوْجُودُ

و"لذلك" الذي ذكر من كون الأصل في العبادات هو التعبد والعادات هو الالتفات للمعاني الإمام "مالك" - رحمه الله تعالى - "له توسع في "كل ما هو من العادات وكذلك "ما إلى العادات حكما يرجع" ويؤول، وبذلك فإنه يلحق العادات غير المنصوص عليها بالعادات المنصوص عليها باعتبار أن الذي عليه المدار في أحكامه هو المعنى، فمتى وجد في موضع ما فإنه يدل على القصد الشرعي فيه فعلا كان أو تركا، فيجري الحكم الشرعي فيه على وفق ذلك أي "فـ" ذلك "أصل" من أصوله وهو "الاستحسان فيها" في العادات "أعمله" وجرى على مقتضاه فيها. كما بين ذلك المصنف، الشاطبي - رحمه الله تعالى - بتوسع في كتابه "الاعتصام" وتقدم ذكره في المسألة الثامنة عشرة السابقة. و"مثل" ما أعمل مالك الاستحسان في هذا الموضع أعمل فيه كذلك أصلا آخر وهو "المصالح وأعني" بها المصالح "المرسله" التي تعتبر في صحتها أمور: أحدها: الملائمة لمقاصد الشرع بحيث لا تنافي أصلا من أصوله، ولا دليلا من دلائله.

ثانيها: أن عامة النظر فيها إنما هو فيما عقل منها وجرى على المناسبات المعقولة التي إذا عرضت على العقول تلقتها بالقبول، فلا مدخل لها في التعبدات ولا ما جرى مجراها من الأمور الشرعية لأن عامة التعبدات لا يعقل لها معنى على التفصيل، كالوضوء والصلاة والصيام في زمان مخصوص دون غيره والحج ونحو ذلك.

ثالثها: أن حاصل المصالح المرسلة يرجع إلى حفظ أمر ضروري، ورفع حرج لازم في الدين، وأيضا مرجعها إلى حفظ الضروري من باب "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب" فهي إذن من الوسائل لا من المقاصد. ورجوعها إلى رفع الحرج راجع إلى باب التخفيف لا إلى التشديد (١).

"وذا" أي هذا الذي عليه مالك في شأن العادات هو "بعكس ما؛ أي الذي هو "له معهود" ومعلوم ومأثور عنه "فيما" من المشروعات يحصل "به تعبد" لله - تعالى - وما هو "موجود" به وواقع. فالعبادات عنده - رحمه الله تعالى - يغلب فيها جهة التعبد


(١) انظر كتاب الاعتصام ٢/ ١٢٩ - ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>