للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥١١ - وَلَيْسَ مِنْهُ الْقَصْدُ لِلتَّعَبُّدِ … بِقَصْدِ أَخْذِ النَّفْسِ بِالتَّجَرُّدِ

١٥١٢ - لِكَيْ يُرَى خَوَارِقُ الْعَادَاتِ … وَأَنْ يُشَاهِدَ الْمُغَيَّبَاتِ

١٥١٣ - فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَرِدْ فِي الشَّرْعِ … إِذْنٌ بِهِ فَهْوَ حَرٍ بِالْمَنْعِ

أصل مشروعية العبادة، بخلاف من يقصد ثبوت عدالته عند الناس أو الإمامة أو نحو ذلك، فإنه مخوف، ولا يقتضي ذلك العمل المداومة، لأن فيه ما في طلب الجاه والتعظيم. "وليس منه" أي مما يسوغ ويصح شرعا "القصد" يعني قصد المكلف إتيانه وفعله "للتعبد" أي العبادة "بقصد" أي مع "اخذ النفس" وتذليلها "بالتجرد" من الحظوظ والرعونات وبروضها على الطريقة المعروفة التي تكون بأكل النبات واجتناب ما فيه الروح وما خرج منه. "لكي يرى" ويبصر من "خوارق العادات" أو الملائكة أو أن يدرك الكرامات "وأن يشاهد" الأمور "المغيبات" أو أن يطلع على غرائب العلوم والعوالم الروحانية وما أشبه ذاك "فإن هذا" الضرب من القصود "لم يرد" أي لم يجئ "في الشرع" أي الشريعة "اذن به" ولا ما يدل على جواز طلبه وبذلك "فهو حرٍ" أي جدير "بالمنع" والحظر لأنَّهُ خارج عن نمط وطريق ما تقدم من المقاصد التابعة المتقدمة لأنَّهُ ليس مما يؤكد هذا المقصد الأصلي ولا مما يقويه، وإنما هو تخرص على علم الغيب، ويزيد بأنه جعل عبادة الله وسيلة إلى ذلك وهو اقرب إلى الانقطاع عن العبادة، لأن صاحب القصد داخل تحت قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} [الحج: ١١] الآية كذلك، هذا إن وصل إلى ما طلب فرح به وصار هو قصده من التعبد، فقوي في نفسه مقصوده، وضعفت العبادة، وإن لم يصل رمى بالعبادة وربما كذب بنتائج الأعمال التي يهبها الله تعالى لعباده المخلصين وقد روى أن بعض الناس سمع بحديث من أخلص لله أربعين صباحا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه فتعرض لذلك لينال الحكمة فلم يفتح له بابها فبلغت القصة بعض الفضلاء فقال هذا أخلص للحكمة ولم يخلص لله وهكذا يجري الحكم في سائر المعاني المذكورة ونحوها ولا أعلم دليلا يدل على طلب هذه الأمور بل ثَم ما يدل على خلاف ذلك فإن ما غيب عن الإنسان مما لا يتعلق بالتكليف لم يطلب بدركه ولا حض على الوصول إليه وفي كتب التفسير أن رجلا سأل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال ما بال الهلال يبدو رقيقا كالخيط ثم ينمو إلى أن يصير بدرا ثم يصير إلى حالته الأولى فنزلت {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>