للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥١٤ - وَلَيْسَ مِمَّا فِيهِ مَطْلُوبُ النَّظَرْ … فِيمَا مِنَ المَصْنُوعِ فِيهِ مُعْتَبَرْ

١٥١٥ - فَمَا بَدَا فِي عَالَمِ الشَّهَادَة … كَافٍ فَلَا يَحْتَاجُ لِلزِّيَادَهْ

١٥١٦ - فَإنْ يَكُنْ يُطْلَبُ ذَاكَ بِالدُّعَا … فَجَائِز لِمَنْ إِلَيْهِ قَدْ سَعَا

تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} [البقرة: ١٨٩] الآية فجعل إتيان البيوت من ظهورها مثالا شاملا لمقتضى هذا السؤال لأنَّهُ تطلب لما لم يؤمر بتطلبه (١).

"و" كذلك "ليس مما" يكون "فيه مطلوب النظر" - فيه إضافة الصفة للموصوف - أي النظر المطلوب للاطلاع على آيات الله - تعالى - عظيم قدرته وبالغ حكمته، إذ ليس "فيما" أي في الذي "من المصنوع" المخلوق أي يطلب "فيه" يعني في إدراكه وتحصيله "معتبر" - بضم الميم - أي الاعتبار، لعدم الحاجة إليه في إدراك ذلك والاطلاع عليه "فما بدا" أي ظهر "في عالم الشهادة" من العجائب والغرائب القريبة المأخذ السهلة الملتمس مغن و"كاف" في هذا الشأن "فلا يحتاج" في ذلك "للزياده" عليه بالاطلاع على عالم الغيب، فلو نظر العاقل في أقل الآيات وأذل المخلوقات وما أودع باريها فيها من الحكم والعجائب لقضى العجب وانتهى إلى العجز في إدراكه وعلى ذلك نبه الله تعالى في كتابه أن تنظر فيه كقوله: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} [الأعراف: ١٨٥] {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨)} [الغاشية: ١٧، ١٨] إلى آخرها {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (٦)} [ق: ٦] إلى تمام الآيات ومعلوم أنه لم يأمرهم بالنظر فيما حجب عنهم ولم يكن لهم الاطلاع عليه عادة إلا بخارقة فإنه إحالة على ما يندر التوصل إليه وإذا تأملت الآيات التي ذكر فيها الملائكة وعوالم الغيب لم تجدها مما أحيل على النظر فيه ولا مأمورا بتطلب الاطلاع عليها وعلى ذواتها وحقائقها فهذه التفرقة كافية في أن ذلك غير مطلوب النظر فيه شرعا وإذا لم يكن مطلوبا لم ينبغ أن يطلب (٢). هذا إذا كان المكلف يعبد الله تعالى من أجل تحصيل ذلك وإدراكه "فإن يكن يطلب" تحصيل "ذاك بالدعاء" فقط "فـ" إن ذلك "جائز" له مباح كما هو جائز مباح "لـ" كل "من إليه قد سعا" وأقدم على إتيانه، فالدعاء بابه مفتوح في الأمور الدنيوية والأخروية شرعا ما لم يدع بمعصية. هذا بإيجاز بيان هذا المسلك - المسلك الثالث -.


(١) الموافقات ج ٢ ص ٣٠٥/ ٣٠٦.
(٢) الموافقات ج ٢ ص/ ٣٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>