للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الخلق كلها بحيث وضع لكل حال منها السبيل الموافق له إصلاحا، وتعبدا، كما اعتبر فيها وضع السبيل الذي بسلوكه يجمع بين الأخذ بالحظوظ النفسية المباحة، والإتيان بالواجبات الشرعية، بحيث يعطى لكل ذي حق حقه من غير إفراط ولا تفريط.

وهذا يوخذ منه أمران:

أ - أن دليل العناية كما هو قائم بالخلق، فإنه - كذلك - قائم بهذه الشريعة، فكلاهما قام به برهان عقلي يقضي بأن هذا كله تقدير العزيز العليم.

ب - أن هذه الشريعة مبنية على وفق طبيعة الخلق الظاهرة والباطنية، ولعل هذا من الأسرار الموجبات لخلود هذا الدين، وانتشاره، وجريان حلاوة شعائره وشرائعه في النفوس.

ثانيها: ضبط معاني ومفاهيم الألفاظ التي تتعلق بها أحكام شرعية وحد ماهياتها، ويسلك في ذلك مسلك الذكر لكل معنى يستعمل فيه اللفظ الذي قصد إلى ضبط مفهومه الشرعي، باسطا في ذلك الكلام على وفق ما يقتضيه المقام وعلى قدر ما يتضح به المراد، ثم بعد ذلك يذكر ما به الحكم الشرعي من المعاني قاصدا إلغاء اعتبارها في هذا الشأن - تعلق الحكم الشرعي - والى إبقاء المعنى الذي يتعلق به الحكم الشرعي مبينا ذلك بالحجة والبرهان، على طريقة السبر والتقسيم المعروفة.

وهذا ما جرى عليه - رحمه الله تعالى - في لفظ "المشقة" و"الصحة" و"البطلان" و"الرخصة" و"المصلحة" و"المفسدة" وما ماثل ذلك من الألفاظ من جهة تعلق الأحكام الشرعية بها.

وما أتى به - رحمه الله تعالى - في هذا الشأن يزول به الغبش على البصيرة فيه، وتنفصل به المعاني بعضها عن بعض، كما يظهر التباين والاختلاف بين أحكامها على ثلج صدر، وصفاء نظر، وبذلك يعلم موطن الحكم الشرعي في ذلك مما سواه بينا واضحا.

وأنت خبير بأن ما يوقع في الحيرة والخطأ هو الجهل بمفاهيم ومعاني الألفاظ الشرعية التي تدل على معان وصفية تتعلق بها الأحكام الشرعية.

<<  <  ج: ص:  >  >>